(وروى) عمران بن سليمان أن رجلًا مات فأتت بنت أخته النبي صلى الله عليه وسلم في الميراث فقال: لا شيء لك اللهم من منعت ممنوع اللهم من منعت ممنوع.
ثم الدليل من طريق المعنى هو أن مشاركة الأنثى لأخيها أثبتت في الميراث في انفرادها. ألا ترى أن بنات الابن يسقطن مع البنين وإن شاركهن ذكورهن وصرن به عصبة فلما كان بنات الإخوة والأعمام يسقطون مع إخوتهن كان أولى أن يسقطن بانفرادهن وتحريره قياسًا إن كان أنثى أسقطها من في درجتها بالإدلاء سقطت بانفرادها كابنة المولى، ولأن كل من أسقطه المولى لم يرث بانفراده كالعبد والكافر؛ ولأن كل ولادة لم يحجب بها الزوجين إلى أقل الفرضين لم يورث بها كالولادة من زنى، ولأنه وارث فوجب أن يكون من مناسبه من لا يرث كالمولى يرث ابنه ولا يرث بنته؛ ولأن المسلمين يعقلون عنه فوجب أن يسقط بهم ذوو الأرحام كالمولى.
فأما الجواب عن قوله تعالى:{وأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥] فمن أربعة أوجه:
أحدهما: أن المقصود بالآية نسخ التوارث بالحلف والهجرة ولم يرد بهما أعيان من يستحق الميراث من المناسبين لنزولهما ما قبل أي المواريث.
والثاني: أن قولهم: {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥] دليل على أن ما سوى ذلك البعض ليس بأولى؛ لأن التبعيض يمنع من الاستيعاب.
والثالث: أنه قال: {فِي كِتَابِ اللَّهِ}[الأحزاب: ٦] وكان ذلك مقصورًا على ما فيه وليس لهم فيه ذكر فدل على أن ليس لهم في الميراث حق.
والرابع: أن قوله: {أَوْلَى}[الأحزاب: ٦] محمول على ما سوى الميراث من الحصانة وما جرى مجراها دون الميراث إذ ليس في الآية ذكر ما هم به أولى.
وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم "الخال وارث من لا وارث له" فمن وجهين:
أحدهما: أن هذا الكلام موضع في لسان العرب للسلب والنفي لا للإثبات، وتقديره أن الخال ليس بوارث كما تقول العرب الجوع طعام من لا طعام له والدنيا دار من لا دار له والصبر حيلة من لا حيلة له يعني أن ليس طعام ولا دار ولا حيلة.
والثاني: أنه جعل الميراث للحال الذي يعقل وإنما يعقل إذا كان عصبة ونحن نورث الخال إذا كان عصبة وإنما الاختلاف في خال ليس بعصبه فكان دليل اللفظ يوجب سقوط ميراثه.
فأما الجواب عن دفعه ميراث أبي الدحداح إلى ابن أخته فهو أنه أعطاه ذلك