لمصلحة رآها لا ميراثًا، لأنه لما قيل لا وارث له دفعه إليه على أنها قضية عين قد يجوز أن يخفي سببها فلا يجوز ادعاء العموم فيها وكان ذلك كالذي رواه عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس أن رجلًا مات ولم يدع وارثًا إلا غلامًا له كان أعتق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل له أحد" قالوا: لا إلا غلامًا له كان أعتقه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه له. ومعلوم أنه لا يستحق ميراثًا لكل فعل ذلك لمصلحة رآها وروي عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: مات رجل من خزاعة فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه فقال: "التمسوا له وارثًا أو ذات رحم" فلم يجدوا له وارثًا ولا ذات رحم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطوه الكبر من خزاعة" فميز صلى الله عليه وسلم بين الوارث وذي الرحم فدل على أنه غير وارث ثم دفع ميراثه إلى الكبر من قومه وليس ذلك بميراث مستحق وهكذا ما دفعه إلى ابن الأخت والخال، لأنه رأى المصلحة في إعطائهم أظهر منها في إعطاء غيرهم وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم:"الخالة والدة إذا لم يكن دونها أم".فهو أنه محمول على ما سوى الميراث من الحضانة وإلا فليست الخالة كالأم عند عدمها في الميراث إذا كان هناك وارث فعلم أن مراده به غير الميراث فأما قياسهم بعلة أنه يدلى بوارث فمنتقض ببنت المولى ثم المعنى في العصبة تقديم على المولى.
وأما قياسهم على الجدة فالمعنى فيها: أنها لما شاركت العصبة كانت وارثة وليس ذوو الأرحام مثلها.
وأما الجواب عن قولهم أنهم ساووا جميع المسلمين وفضلوهم بالرحم فهو أنه استدلال يفسد ببنت المولى، لأنها قد فضلتهم مع المساواة ثم لا تقدم عليهم على أن المسلمين فضلوهم بالتعصب لأنهم يعقلون وكانوا أولى بالميراث، فإن قيل: لا يجوز أن يكون المسلمون ورثته لجواز وصيته لهم والوصية لا تجوز لوارث قيل: هذا باطل بمن لا وارث له، لأن المسلمين ورثته بإجماع وتجوز الوصية لكل واحد منهم على أن الوصية إنما لا تجوز لوارث معين وليس في المسلمين من يتعين في استحقاق ميراثه، لأنه معروف في مصالح جميعهم والله أعلم.
فصل: وإذ قد مضى الكلام في ذوي الأرحام فالرد ملحق به، لأن الخلاف فيهما واحد وكل من قال بتوريث ذوي الأرحام قال بالرد وكل من منع من توريث ذوي الأرحام منع من الرد.
والرد: هو أن تعجز سهام الفريضة عن استيفاء جميع التركة فلا يكون معهم عصبة كالبنت التي فرضها النصف إذا لم يشاركها غيرها وقد بقي النصف بعد فرضها فهل يرد