أحدها: وهو مذهب الشافعي أن المرتد لا يورث ويكون جميع ماله فيئاً لبيت مال المسلمين، وسواء الزنديق وغيره، وبه قال ابن أبي ليلى وأبي ثور وأحمد بن حنبل.
والثاني: وهو مذهبه مالك أن مال المرتد يكون فيئاً في بيت مال المسلمين إلا الزنديق فإنه يكون لورثته المسلمين، أو يقصا بردته ازواء ورثته في مرض موته فيكون ميراثاً لهم.
والثالث: وهو مذهب أبي يوسف ومحمد أن جميع ماله الذي كسبه في إسلامه وبعد ردته يكون موروثا لورثته المسلمين، وهو قول علي بن أبي طالب, وعبد الله بن مسعود، وسعيد بن المسيب, وعمر بن عبد العزيز, والحسن، وعطاء.
والرابع: وهو مذهب أبي حنيفة أن ما كسبه قبل ردته يكون لورثته المسلمين وما كسبه بعد ردته يكون فيئاً لبيت المال إلا أن يكون المرتد امرأة فيكون جميعه موروثاً, وبه قال سفيان الثوري، وزفر بن الهذيل.
والخامس: وهو مذهب داود بن علي أن ماله لورثته الذين ارتد إليهم دون ورثته المسلمين.
والسادس: وهو مذهب علقمة وقتادة وسعيد بن أبي عروبة وأن ماله ينتقل إلى أهل الدين الذين ارتد إليهم. واستدل من جعله ماله موروثاً على اختلاف مذاهبهم بقوله تعالى:{وأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥] بما روي أن علي بن أبي طالب عليه السلام أتى بالمستورد العجلي وقد ارتد فعرض عليه الإسلام فأبى أن يسلم فضرب عنقه وجعل ميراثه لورثته من المسلمين، وبما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر رضي الله عنه عند وجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين، قالوا: ولأن كل من لا يرثه وارثه المشرك ورثه وارثه المسلم كالمسلم طرداً وكالمشرك عكساً, قالوا: ولأنه مال كب ملم فلم يجز أن يكون فيئاً كمال المسلمين، قالوا: ولأنه مال كسبه في حال حقن دمه فلم يصر فيئاً بإباحة دمه كمال القاتل والزاني المحصن، قالوا: ولأن ورثته من المسلمين قد ساووا بإسلامهم جميع المسلمين وفضلوهم بالرحم والتعصيب فوجب أن يكونوا أولى منهم لقوة شبههم، واستدل من جعل ماله لأهل الدين الذي ارتد إليه بقوله تعالى {ومَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: (٥) ١].
والدليل على أن المرتد لا يورث ويكون ماله فيئاً رواية أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " فإن منعوا من إطلاق اسم الكفر على