المرتد للفاعلية بقوله تعالى:{إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}[النساء:١٣٧] وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان".وروي معاوية بن قرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فأمرني بضرب عنقه وخمس ماله فجعله النبي صلى الله عليه وسلم باستحلال ما نص الله تعالى على تحريمه مرتداً, وجعل ماله بتخميسه إياه فيئاً، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله وللرسول ثم هي لكم" وإنما أشار إلى من حدث عصيانها بالكفر بعد تقدم طاعتها بالإيمان, لأن حكم من لم يزل كافراً مستفاد بنص الكتاب, ولأن كل من لم يرث بحال لم يورث كالكاتب, ولأنه كل من لم يورث عنه ما ملكه في إباحة دمه لم يورث عنه ما ملك في حقن دمه كالذمي طرداً والقاتل عكساً, ولأن كل مال ملكه بعوده إلى الإسلام لم يورث عنه بقتله على الردة قياساً على ما كسبه بعد الردة, فأما الجواب عن الآية فإنه قال:{بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥] فلما لم يكن المرتد أولى بالمسلم يقطع الموالاة بالردة لم يصر المسلم أولى بالمرتد لهذا المعنى, وأما دفع على رضوان الله عليه مال المستورد إلى ورثته إنما كان لما رأى المصلحة باجتهاده وهو إمام يملك التصرف في أموال بيت المال برأيه فيجوز أن يكون ذلك تمليكاً منه ابتداء عطية لا على جهة الإرث.
وأما توريث زيل بن ثابت بأمر أبي بكر الصديق رضوان الله عليه ودفع أموال المرتد ين إلى ورثتهم: فيجوز أن يكون على مثل ما فعله علي عليه السلام في مال المستورد على طريق المصلحة، أو يحمل على المرتدين عن بدل الزكاة حين لم يحكم بكفرهم بالمتع لتأويلهم ومقامهم على الإسلام واشتباه الأمر قبل الإجماع.
وأما قياسهم على المسلم بعلة أنه لا يرثه المشرك: فمنتقض بالمكاتب، ثم المعنى في المسلم بقاء الولاية بينه وبين المسلمين.
وأما قياسهم على القاتل فهو دليلنا, لأنه لما كان ما ملك في إباحة دمه موروثاً كان ما ملك في حقن دمه موروثاً، ولما كان المرتد لا يورث عنه ما ملك في إباحة دمه لم يورث عنه ما ملك في حقن دمه وأما استدلالهم بأن ورثته من المسلمين قد جمعوا الإسلام والقرابة فكانوا أولى من بيت المال المنفرد بالإسلام ففاسد بالأمي لا يرثه المسلم وان كان بيت المال أولى بماله ثم ليس يصير مال المرتد إلى بيت المال ميراثاً فيجعل ورثته أولى وإنما يصير إليه فيئاً كما أنهم يجعلون ما كسبه بعد الردة فيئاً ولا يجعلون ورثته أولى به.