إسحق: فيه ثلاثة أوجه، المذهب أن يستديمها إلى غيبوبة الشفق للأخبار الواردة في هذا الباب، وقد ذكرناها.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن للصلاة أولاً وآخراً وأول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وآخر وقتها حين يغيب الأفق». وروي عن مروان بن الحكم أنه قال: قال لي زيد بن ثابت رضي الله عنه: تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطول الطوليين يريد أطول السورتين، ويقال: إنه أراد سورة الأعراف.
والوجه الثاني، لا يستديمها أكثر من وقتها الذي ذكرنا.
والثالث: يستديمها قدر ما ذكرنا من العرف في أول وقت سائر الصلوات. واعلم
أن العرب يسمُّون صلاة المغرب العشاء، وقد روى البخاري في «صحيحه» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تغلبنكم (الأعراب) على اسم صلاتكم، إنها المغرب، والمغرب يسمونها العشاء»، فَكَرِه ذلك [٨ ب/ ٢].
مسألةٌ: قال: «فإذا غاب الشفق، وهو الحمرة، فهو أول وقت عشاء الآخرة
والأذان».
وهذا كما قال: لا خلاف أن وقت العشاء إذا غاب الشفق، ولكن اختلف العلماء
في الشفق فعندنا أنه الحمرة، فإذا غابت الحمرة، فقد دخل وقتها.
وبه قال ابن عمر وابن عباس وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس ومكحول وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والزهري وطاوس ومالك والثوري وابن أبي ليلى وأحمد وإسحق وأبو ثور وداود وأبو يوسف ومحمد رضي الله عنهم.
وحكى عنه أنه قال: وقتها في البلدان والأبنية عند غيبوبة البياض، وفي الصحارى عند غيبوبة الحمرة، وإنما اعتبر هذا لأن البنيان في ستر منه، فاحتاط أن يؤخرها إلى غيبوبة البياض في البنيان بخلاف الصحارى.
وفي الحقيقة عنده الشفق: الحمرة. وقال أبو حنيفة: الشفق: البياض. وبه قال زفر والأوزاعي والمزني، وروى ذلك عن أبي هريرة وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم،