وحكى عن الفراء أنه قال: الشفق: الحمرة. وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الشفق: البياض. وقال بعض أهل اللغة: الشفق: اسم للحمرة والبياض معاً، إلا أنه إنما يطلق في أحمر ليس بقاني، وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد منه بالأدلة لا باليقين.
الاسم كالقرء الذي يقع على اسمه على الطهر والحيض معاً، والدليل على صحة ما ذكرنا ما روى مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الشفق: الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة». وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا غاب بعد الشفق، فهو لليلتين»، فدل على أن الشفق: الحمرة.
فرع
قال بعض أصحابنا في بلاد المشرق [٩ أ/ ٢] بنواح تقصر الليالي، فلا يغيب الشفق عندنا فأول وقت العشاء في حقهم أن يمضي من الزمان بعد غروب الشمس قدر مغيب الشفق في مثله في أقرب البلاد إليهم.
مسألةٌ: قال: «ثم لا يزال وقت العشاء قائماً حتى يذهب ثلث الليل». وهذا كما قال، اختلف قول الشافعي رحمة الله عليه في آخر وقت العشاء المختار، فقال في «الجديد»: وقتها إلى ثلث الليل. وبه قال عمر وأبو هريرة وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم ومالك وأحمد في رواية. وقال في «القديم» و «الإملاء»: وقتها إلى نصف الليل. وبه قال ابن المبارك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور وأحمد في الرواية الثانية، وهذا اختيار أبي إسحق. وبه أقول لأن الزيادة في الخبر أولى، واحتجوا بما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«ووقت العشاء إلى نصف الليل».
وظاهر المذهب الأول لما روي من حديث جبريل عليه السلام، ولأن الثلث، ثبث بجميع الروايات، وتعارضت الأخبار في الزيادة، فسقطت الزيادة.