وقال ابن سريج: ليست المسألة على قولين، فيقول رواية من روى إلى ثلث الليل محمولة على أنه آخر وقت الابتداء بها. ورواية من روى إلى نصف الليل محمولة على أنه آخر وقت الانتهاء بها، حتى لا تتعارض الاخبار، ولا يختلف فيه قول الشافعي رضي الله عنه.
وقال النخعي: وقتها إلى ربع الليل، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: وقتها المختار يبقى إلى طلوع الفجر، وبه قال عطاء وطاووس وعكرمة. وأما وقت الجواز، (فباقٍ) إلى طلوع الفجر الثاني. وحكى الشيح أبو حامد: أن الشافعي قال في «الأم»: وقتها بانقضاء ثلث الليل، ولفظه: وآخر وقتها إلى أن [٩ ب/ ٢] يمضي ثلث الليل، فإذا مضى ثلث الليل، فلا أراها إذا فاتته فحصل قولان، والأصح الأول، لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ابهارَّ الليل، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:«صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بركعة».
وقال الاصطخري: إذا فات وقتها المختار، فقد فات وقت الجواز أيضاً كما قال في صلاة العصر، وقال: لو أدرك قبل طلوع الفجر الثاني يكون مدركاً لها، وهذا مناقضة منه.
فرعٌ:
قال في «الأم»: واجب أن لا يسمي صلاة العشاء بالعتمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاة هي العشاء إلا أنهم يعتمون بحلاب الإبل». أي: يؤخرون الحلب إلى أن يعتم الإبل ويسمون الحلبة العتمة، وقيل: العتمة، الظلمة، فإذا قال: صليت العتمة معناه: صليت الظلمة. وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه إذا سمع رجلاً يقول: العتمة صاح وغضب، وقال: إنما هو العشاء، ويكره أن يقول ذلك، وهذه كراهية تنزيه.
قال الشافعي: وأحب أن يلقن الرجل أهله وولده ذلك ليعتادوه، وإن احتاج إلى أن يخاطبه بهذا الاسم من لا يعرف الصلاة إلا به ومنه ذلك. وقيل: للصلاة ثلاثة أوقات: