إما أن يكون حج أو ليس عليه حج فإن كان عليه حج فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يجعل الحج من رأس ماله فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يذكر قدر ما يحج به عنه.
والثاني: أن لا يذكر فإن لم يذكر قدر ما يحج به عنه أخرج عنه من رأس ماله قدر أجرة المثل من ميقات بلده ولا يستفاد بوصيته إلا للإذكار والتأكيد وإن ذكر قدر ما يحج به عنه فله ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون قد أجرة المثل في الميقات فيخرج ذلك من رأس ماله.
والثاني: أن يكون أقل من أجرة المثل من ميقات بلده ولا يستفاد بوصيته وإن وجد من يحج به وإلا تمم من أجرة المثل وكان جميعه من رأس المال.
والثالث: أن يكون أكثر من أجرة المثل من الميقات فتكون الزيادة على أجرة المثل وصية في الثلث لا تجوز أن يدفع إلى وارث وإن تراجع عينه، لأنه لا وصية لوارث فهذا حكم القسم الأول إذا جعل الحج من رأس ماله.
فصل: والقسم الثاني: أن يوصي بالحج من ثلثه. فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يجعل كل الثلث مصروفًا إلى الحجة الواجبة، فهذا يحج عنه بالثلث من بلده إن أمكن، ولا يجوز أن يدفع إلى وارث إن زاد على أجرة المثل، ويجوز أن يدفع إليه إن لم يزد، فإن عجز الثلث عن الحج من بلده: أحج به عنه من حيث أمكن من طريقه. فإن عجز إلا من ميقات البلد أحج به عنه من ميقات بلده.
فإن عجز عن الحج من ميقات بلده وجب إتمام أجرة المثل ميقات بلده من رأس المال، فصار فيها دور، لأن ما يتمم به أجرة المثل من رأس ماله يقتضي نقصان ثلث المال مثاله:
أن يكون ماله مائة درهم، وأجرة المثل أربعون درهمًا، فإن أردت أن تعرف قدر الثلث وقدر ما يتم به الثلث من رأس المال أسقطت من المال قدر أجرة المثل وذلك أربعون درهمًا يكون الباقي ستين درهمًا ثم زدت عليه مثل نصفه فيصير تسعين درهمًا، فهو المال الباقي بعدما أخذ تمام الثلث، فإذا أخذت ثلثه، كان ثلاثين درهمًا، وضممت إليه العشرة الباقية من المائة صارت أربعين درهمًا، هي قدر أجرة المثل، فمنها ثلاثون درهمًا هي ثلث المال، وعشرة دراهم من رأس المال وعرضه.
والثاني: أن لا يجعل كل الثلث مصروفًا إلى الحج بل يقول أحجوا عني من ثلثي رجلًا فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يذكر قدرًا كأنه قال: أحجوا رجلًا بمائة درهم. فلا يزاد عليها إن وجد، ويستأجر من يحج بها من حيث أمكن من بلده، أو من ميقاته. وإن لم يوجد من يحج بها من ميقاته: وجب إتمامها من رأس المال، لا من ثلثه، لأنه القدر الذي جعله