في الثلث: هو المائة، لا ما زاد عليها.
والثاني: أن لا يذكر القدر فيخرج من ثلثه قدر أجرة المثل. ثم فيها وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي، والظاهر من كلام الشافعي أجرة المثل من بلد الموصي، لأن الوصية في الثلث تقتضي الكمال.
والثاني: أجرة مثل الميقات، كما لو جعله من رأس المال، وما يزاد عليه تطوع لا يخرج إلا بالنص.
فإن عجز الثلث عن جميع الأجرة تمم جميعًا مثل أجرة الميقات من رأس المال. فلو كان في الثلث مع الحج عطايا ووصايا، ففي تقديم الحج على الوصايا وجهان حكاهما ابو إسحاق المروزي:
أحدهما: يقدم على الحج على جميع الوصايا في الثلث، لأنه مصروف في فرض، ثم يصرف ما فضل بعد الحج في أهل الوصايا.
والثاني: أن يسقط الثلث بين الحج، والوصايا بالحصص، لأن الحج وإن وجب فحمله في الثلث، فساوي في الثلث أهل الوصايا، ثم تمم أجرة المثل من رأس المال.
وعلى هذين الوجهين: لو كانت عليه ديون واجبة، وأوصي بقضائها من ثلثه، ففيه وجهان:
أحدهما: يقدمون على أهل الوصايا.
والثاني: يحاصونهم، ثم يستكملون الوصايا من رأس المال. فهذا حكم القسم الثاني، إذا جعله من ثلثه.
فصل: والقسم الثالث: أن يطلق الوصية بالحج، فلا يجعله في الثلث ولا من رأس المال، فالذي نص عليه الشافعي في المناسك في كتابه الجديد أنه يحج عنه من رأس المال. وقال في هذا الموضع من الوصايا بالحج عنه من ثلثه فاختلف أصحابنا: فكان أبو الطيب بن سلمة، وأبو حفص بن الوكيل يخرجان ذلك على قولين:
أحدهما: يكون من راس المال كما لو يوص به، لوجوبه كالديون.
والثاني: أنه يكون من الثلث، ليستفاد بالوصية، ما لم يكن مستفادًا بغيرها. وقال أبو علي بن خيران: ليس هذا على الاختلاف قولين، بل الحكم على حالين، فالذي جعله في الثلث هو أجرة مثل السير من بلده إلى الميقات والذي جعله من رأس المال، هو أجرة المثل من الميقات. وقال أبو إسحاق المروزي: وقال أبو علي بن أبي هريرة: إنه يكون ذلك من رأس المال قولًا واحدًا. والذي قاله ها هنا أنه يكون في الثلث إذا صرح بأنه في الثلث توفيرًا عن ورثته. ألا تراه قال: فإن لم يبلغ، تمم من رأس المال. فإن قلنا: إنه يكون من رأس المال: أحج عنه من ميقات بلده. وإن قلنا: يكون من الثلث، فعلي وجهين:
أحدهما: من بلده، والثاني: من ميقات بلده.