قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو قال: أحجوا عني رجلًا بمائة درهم وأعطوا ما بقي من ثلثي فلانًا وأوصي بثلث ماله لرجلٍ بعينه فللموصي له بالثلث نصف الثلث وللحجاج والموصي له بما بقي من الثلث، نصف الثلث ويحج عنه رجل بمائة».
قال في الحاوي: وصورتها من رجل قال في وصيته: أحجوا عني رجلًا بمائة درهم، وأعطوا ما بقي من ثلثي فلانًا، وأوصي بثلث ماله لرجل ثالث. فهذا رجل قد أوصي بثلثي ماله. فإن أجاز الورثة ذلك دفع إلى الموصي له بالثلث ثلث المال كاملًا ولا يشاركه فيه أحد، ودفع الثلث الآخر مائة درهم، إلى الموصي له بالثلث ثلث المال كاملًا، ولا يشاركه فيه احد، ودفع الثلث الآخر مائة درهم، إلى الموصى له بالحج، بالثلث ولا يشاركه فيه أحد. فإن بقيت من الثلث بعد ذلك رقبة: دفعت إلى الموصى له بما بقي من الثلث، وسواء قلت النفقة أو كثرت.
فإن لم يبق من الثلث بعد المائة شيء، فلا شيء إلى الموصى له بما بقي، لأنه لم يبق منه شيء. فهذا حكم الوصية إذا أجازها الورثة. فأما إذا لم يجزها: ردت الوصايا كلها إلى الثلث: ثم نظر: فإن كان الثالث مائة درهم فما دون، فلا شيء للموصي له بما بقي من الثلث: وانقسم الثلث الموصي له بالمائة بالحج، والموصي له بالثلث نصفين، يتعادلان فيه، كما يتعادل أهل الوصايا، إذا ضاق الثلث عنها: فإن لم يجد بما احتمله الثلث من المائة من يحج عنه، عادت ميراثًا، ولم تعد على الموصي له بالثلث، ولا على الموصي له، بما بقي من الثلث. وإن كان الثلث أكثر من مائة درهم، فإن الموصي له بالمائة في الحج، والموصي له بما بقي من الثلث، يعادلان الموصي له بالثلث، وإحدى الوصيتين تعادل الأخرى فيقسم الثلث بينهما نصفين، أو أعطي الموصي له بالثلث نصفه. وهو السدس ودخل عليه من نقص العول: نصف وصيته، لأن وصيته، رجعت إلى نصفها. وأما النصف الآخر من الثلث ففيه وجهان:
أحدهما: وهو الظاهر من كلام الشافعي، وبه قال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة، يقدم فيه الموصي له بالمائة في الحج، على الموصي له بما بقي من الثلث حتى يستوفي مائة، ثم يأخذ الآخر بقيته؛ لن الوصية بما بقي بعد المائة، لا تستحق قبل كمال المائة لاستحالتها فعاد صاحب الثلث به توفيرًا على صاحب المائة، بما يعاد الجد بالأخوة من الأب، توفيرًا على الأخ من الأب والأم.
فعلى هذا: إن كان نصف الثلث، مائة درهم فما دون، أخذه الموصي له بالمائة، ولا شيء للموصي له بما بقي.