والثاني: أن يكون أكثر من أجرة المثل فلا يخلو المسمي لها من أن يكون وارثًا أو غير وارث. فإن كان وارثًا: فالزيادة على أجرة المثل وصية يمنع منها الوارث، فإن وصي بأجرة المثل منها: دفعت إليها دون غير وردت الزيادة على الورثة. وإن لم يرض إلا بالمائة كلها، منع منها، ولم يجز أن تدفع إليه لما فيها من الوصية لها، وعدل إلى غيره بأجرة المثل دون المائة، لأن الزيادة على أجرة المثل وصية بمسمي، ويعود الباقي ميراثًا. وإن كان المسمي غير وارث دفعت إليه المائة إن قبلها، وإن لم يقبلها عدل إلى غيره باجرة المثل، وعادت الزيادة عليها ميراثًا.
والثالث: أن تكون المائة أقل من أجرة المثل، فإن قنع المسمي بها، دفعت إليه، وارثًا كان أو غير وارث. وإن لم يقنع بها، ووجد غيره مما يقنع بها، دفعت إليه، لأنه ليس فيها وصية للمسمي فتبطل بالعدول. وغن لم يوجد من يحج عادت ميراثًا، ولم يرجع إلى الثلث. فأما إن عجز الثلث عن احتمال المائة كلها: أخرج منها قدر ما احتمله الثلث فيصير هو القدر الموصي به، فيكون على ما مضي.
فصل: وأما الحال الثانية: وهو أن يقول: أحجوا عني بثلثي، فلا يجوز أن يصرف الثلث، إلا في حجة واحدة، وإن اتسع لغيرها، لأنه عين عليها فتصير كالوصية بمائة درهم، في أن يسمي من يحج عنه، أو يسميه فتكون على ما مضي من التقسيم والجواب.
فإن أمكن أن يحج عنه بالثلث من بلده، لم يجز أن يقتصر بالحج عنه من ميقاته، وإن قصر عنه الثلث، فمن حيث أمكن، حتى ينتهي إلى الميقات، فإن قصر عن الميقات، ولم يوجد من يحج به بطلت الوصية وعادت ميراثًا.
فصل: وأما الحالة الثالثة: وهو أن يقول: أحجوا عني بثلثي حجًا فيصرف الثلث فيما اتسع من الحج، ولا يقتصر على حجة واحدة، مع اتساعه لأكثر منها، ولا يزاد أحد على أجرة مثله من بلد الموصي، لا من ميقاته، لأن كل ذلك تطوع، فاعتبر فيه أكمل الأحوال.
فإن اتسع الثلث لثلاث حجج، فاقتصر في صرفه على حجتين ضمن الموصي الحجة الثالثة في ماله، فلو اتسع الثلث لحجتين، وفضلت فضلة، لم تتسع لحجة ثالثة من بلده، نظر فيها. فإن أمكن أن يحج بها عنه من ميقاته صرفت في حجة من الميقات، وإن لم يمكن أن يصرف من الميقات وإلا ردت على الورثة ميراثًا، ولم يزد على الحجتين بخلاف الفاضل عن ثمن الرقبتين، لأن أثمان الرقاب تختلف، فردت الفضلة في أثمانها لوفور الأجر بتوافر أثمانها وأجور الحج غير مختلفة. فلو أمكن صرف الفضلة في عمرة: لم تصرف فيها، لأن الوصية في الحج، لا من العمرة.
فصل: وأما الحال الرابعة: وهو أن يقول: أحجوا عني ولا يذكر بكم، فيحج عنه حجة واحدة، بأجرة المثل من بلده، لا من ميقاته، إن احتمل الثالث ذلك. وإن لم يحتمل، فمن حيث احتمل الثلث ذلك من الميقات، وإن لم يحتمل حجة من الميقات: