فعلي هذا يعتق عليه بعد رقه. ويكون له عليه الولاء، ولا تصير أمه به أم ولد. وإن كان حادثًا بعد موت الموصي، وقبل القبول فهو أن تضعه، لأكثر من ستة أشهر من حين الموت، ولأقل من ستة أشهر من حين القبول، ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه حر من حين العلوق، لم يجر عليه حكم رقم، وأن أمه به أم ولد. وهذا على القول الذي يجعله بالقبول مالكًا. ويجعل الحمل تبعًا من حين الموت.
والثاني: أنه حر بعد رقه وعليه الولاء لأبيه، ولا تكون أمه به أم ولد. وهذا على القول الذي يجعله بالقبول مالكًا ويجعل الحمل تبعًا.
والثالث: أنه مملوك لورثة الموصي دون الموصي له. وهذا على القول الذي يجعله بالقبول مالكًا، ويجعل للحمل حكمًا. وهكذا: لو ولدت أولادًا، وكان بين أولهم وآخرهم أقل من ستة أشهر فحكمهم حكم الولد الواحد، لأنهم من حمل واحد ولوكان بين بعضهم وبعضهم ستة أشهر لاختلف حكمهم لاختلاف حملهم وإن كان حادثًا بعد القبول فهو أن تضعه لستة أشهر فصاعدًا من حين قبوله، فهذا حر الأصل، لم يجر عليه رق، ولا ولاء عليه للأب، وتصير الأم به أم ولد، لأنها علقت به في ملك لا في نكاح.
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «فإن مات قبل أن يقبل أو يرد قام ورثته مقامه فإن قبلوا فإنما ملكوا أمة لأبيهم وأولاد أبيهم الذين ولدت بعد موت سيدها أحرارًا وأمهم مملوكة وإن ردوا كانوا مماليك وكرهت ما فعلوا. قال المزني: لو مات أبوهم قبل الملك لم يجز أن يملكوا عنه ما لم يملك، ومن قوله: أهل شوال ثم قبل كانت الزكاة عليه وفي ذلك دليل على أن الملك متقدم لولا ذلك ما كانت عليه زكاة ما لا يملك».
قال في الحاوي: هذا صحيح. وجملته أن موت الموصي لا يخلو أن يكون في حياة الموصي له أو بعد موته. فإن مات الموصي له في حياة الموصي، فالذي عليه جمهور الفقهاء أن الوصية له قد بطلت، وليس لوارثه قبولها بعد موت الموصي.
وحكي عن الحسن البصري أن الوصية لا تبطل بموته ولورتثه قبولها وهذا فاسد من وجهين: أن الوصية في غير حياة الموصي غير لازمة. وما ليس بلازم من العقود يبطل بالموت، ولأن الوصية له، لا لورثته وهو لا يملك الوصية في حياة الموصي. وإن مات الموصي له، بعد موت الموصي، لم يخل حال الموصي له قبل موته من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون قد رد الوصية قبل موته فقد بطلت برده: وليس لوارثه قبولها بعد موته إجماعًا.