ثلاثة دنانير وثلث دينار، وثلاثة وثلاثون درهم وثلث درهم قيمة الجميع ستة دنانير وثلثا دينار، وذلك سدس الأربعين الباقية من التركة عينًا وورقًا.
فصل: في خلع الثلث: قال مالك بن أنس -رحمه الله عليه- «إذا أوصي الرجل بمائة دينار له حاضرة، وترك غيرها ألف دينار دينًا غائبة، فالورثة بالخيار بين إمضاء الوصية بالمائة كلها عاجلًا سواء أمضي الدين وسلم الغائب أم لا، وبين أن يسلوا ثلث المائة الحاضرة، وثلث الدين من المال الغائب، ويصير الموصي له بالمائة شريكًا بالثلث في كل التركة وإن كثرت، وسمي ذلك خلع الثلث، واستدلالًا بأن للموصي له ثلث ماله، فإذا غير الوصية في بعضه فقد أدخل الضرر عليهم بتعيينه فصار لهم الخيار بين التزام الضرر بالتعيين، وبين العدول إلى ما كان يستحقه الموصي فهذا دليل مالك وما عليه في هذا القول.
واستدل إسماعيل بن إسحاق بأن تعيين الموصي للمائة الحاضرة من جملة التركة الغائبة، بمنزلة القبول للجاني إذا تعلقت الجناية في رقبته فسيده بالخيار بين أن يفديه بأرش جنايته أو تسليمه. فهذا مذهب مالك، ودليلاه.
ومذهب الشافعي: أن الموصي له ثلث المائة الحاضرة، وثلثاها الباقي موقوف على قبض الدين ووصول الغائب، لا يتصرف فيه الوارث ولا الموصي له، وإذا قبض الدين ووصل من الغائب ما يخرج المائة كلها من ثلثه، أمضيت الوصية بجميع المائة. وإن وصل ما يخرج بعضها أمضي قدر ما احتمله الثلث منها، فإن بريء الدين وقدم الغائب: استقرت الوصية في ثلث المائة الحاضرة، وتصرف الورثة في ثلثيها، لأنها صارت جميع التركة.
واختلف أصحابنا إذا انتظر بالوصية قبض الدين، ووصول الغائب، هل يمكن الموصي له من التصرف في ثلث المائة على وجهين:
أحدهما: يمكن من التصرف فيها، لأنه ثلث محض.
والثاني: يمنع من التصرف فيها، لأنه لا يجوز أن يتصرف الموصي له فيما لا يتصرف الورثة في مثليه، وقد منع الورثة من التصرف في ثلث المائة الموقوف، فوجب أن يمنع الموصي له من التصرف في الثلث الممضي. والدليل على فساد ما ذهب إليه مالك:
أنه يأول إلى أحد أمرين يمنع الوصية منها، لأنه إذا خير الورثة بين التزام الوصية في ثلث كل التركة أو إمضاء الوصية في كل المائة. فكل واحد من الأمرين يخارج عن حكم الوصية، لأنهم إذا اختاروا منعه من كل المائة، فقد ألزمهم ثلث كل التركة، وذلك غير موصي له، وإن اختاروا ألا يعطوا ثلث التركة، فقد ألزمهم إمضاء الوصية بكل المائة، فعلم فساد دليل مذهبه بما يأول إليه حال كل واحد من الخيارين.
وأما جعلهم تعيين الوصية بالمائة الحاضرة، أدخل ضرر، فالضرر قد رفعناه بوقف الثلثين فعلي قبض الدين، ووصول الغائب، فصار الضرر بذلك مرتفعًا، وإذا زال الضرر