السيل نصفها، كان للمشتري نصف ما بقي بعدها أذهب السيل منها.
فإن قيل: فليس لو أوصي له برأس من غنمه فهلك جميعها إلا رأسًا منها بقي: فإن الوصية تتعين فيه ولا يكون الهالك وإن كان متميزًا من الوصية وغيرها فهلا كان ما ذهب بالسيل مثل ذلك؟ قيل الوصية برأس من غنمه يوجب الإشاعة في كل رأس منها وإنما جعل إلى الوارث أن يعنيه فيما شاء من ميراثه، وليس كذلك الوصية بثلث الدار، لأن الثلث شائع في جميعها فافترقا.
فإذا تقرر ما وصفته من مذهب الشافعي في التسوية بين الاستحقاق، والتلف، وما رأيته من الفرق بين الاستحقاق والتلف، تفرع على ذلك ما يصح به الجوابان. فمن ذلك أن يخلف رجل ثلاثمائة درهم، وثلاثين دينارًا وقيمتها ثلاثمائة درهم، ويوصي بثلث ماله لرجل، فيكون له ثلث الدنانير، وثلثا الدراهم، فإذا أراد الورثة أن يعطوه ثلث الجميع من أحدهما، لم يكن ذلك لهم، لأن الموصي جعله في الجميع مشاركًا لهم فلو تلف من الدنانير عشرون، وبقي منها عشرة، كان له ثلث العشرة الباقية، وثلث الثلاثمائة درهم كلها. فأما إذا أوصي لرجل بثلث الدنانير بعينها، وأوصي لآخر بثلث الدراهم بعينها، فهلك من الدنانير عشرون، وبقي منها عشرة وسلمت الدراهم كلها. فعلي الوجه الذي أراه أن يكون للموصي له بثلث الدنانير ثلث العشرة الباقية وهو ثلاثة دنانير وثلث دينار، وللموصي بثلث الدراهم، ثلث الثلاث مائة وهو مائة درهم. وعلى الظاهر مما قاله الشافعي، يكون للموصي له بثلث الدنانير من العشرة الباقية ستة دنانير وثلثي دينار. ويكون للموصي له بثلث الدراهم من جميع الثلاث مائة ستة وستون درهمًا، وثلثا درهم قيمة الجميع ثلاثة عشر دينارًا وثلث دينار، ويبقي مع الورثة ثلاثة دنانير وثلث، ومائتان وثلاثة وثلاثون درهمًا وثلث، وقيمة الجميع ستة وعشرون دينارًا وثلثا دينار، وهو ضعف ما صار إلى الموصي له. وهكذا لو كانت الوصيتان لرجل واحد. ووجه العمل في ذلك أن يقال: الوصيتان تعادل عشرين دينارًا من ستين دينارًا، فإذا تلف من التركة عشرون دينارًا فهو ثلث التركة، ويرجع النقص على الوصيتين معًا دون أحدهما، فنقص من كل واحد منهما الثلث. فالموصي له بثلث الدنانير كان له قبل التلف عشرة دنانير فصار له بعد التلف ثلثاها، وذلك ستة دنانير وثلثا دينار، وللموصي له بثلث الدراهم، كان له قبل التلف مائة درهم، فصار له بعد تلف الدنانير ثلثا الدراهم، وذلك ستة وستون درهمًا، وثلثا درهم. وعلى هذا: لو أوصي لرجل بسدس الدراهم بأعيانها، وسدس الدنانير بأعيانها والتركة بحالها: كان له خمسة دنانير وخمسون درهمًا، فلو تلف من الدراهم مائتا درهم وبقيت مائة درهم مع جميع الدنانير، وهي ثلاثون دينارًا، فعلي الوجه الذي رأيته: يكون للموصي له خمسة دنانير وستة عشر درهمًا وثلث درهم، وهو سدس كل واحد من المالين. وعلى الظاهر من مذهب الشافعي يكون للموصي له ثلاثة دنانير وثلث دينار، وثلاثة وثلاثون درهمًا وثلث درهم.، لأنه يجعل نقص أحد المالين راجعًا إلى المالين، وقد نص الثلث من الوصية بسدس كل واحد من المالين الثلث. فصار مع الموصى له