رضاه معتبرًا، وفي إجماعهم على أن رضاه وإن كان حاضرًا غير معتبر دليل على أنه ليس بشرط.
فصل: وإذا اشترى الرجل أباه في مرض موته، بمائة درهم، هي قدر ثلثه، لأنه لا يملك سوى ثلاثمائة درهم عتق عليه من الثلث، ولم يرثه، لأن عتقه إذا كان في الثلث وصية ولا يجمع له بين الوصية والوريث. ولو ورث لمنع الوصية، ولو منعها لبطل العتق والشراء، وإذا بطل العتق والشراء بطل الميراث، فلما كان توريثه، يفضي إلى إبطال الوصية والميراث، أثبتنا الوصية، وأبطلنا الميراث.
فلو اشترى بعد أن عتق أبوه عبدًا بمائة درهم، وأعتقه، كان عتقه باطلًا، لأنه قد اشترى ثلثه بعتق أبيه، فرد عليه عتق من سواه. ولو كان قبل شراء أبيه أعتق عبدًا هو جميع ثلثه، ثم استوى أباه وليس له ثلث يحتمله، ولا شيئًا منه، ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الشراء باطل؛ لأنه لو صح، لثبت الملك، لو ثبت الملك لنفذ العتق، والعتق لا ينفذ جبرًا فيما جاوز الثلث، فكذلك كان الشراء باطلًا، وسواء أفاد بعد ذلك، ما خرج ثمن الأب من ثلثه، أو لم يفد، لفساد العقد.
والثاني: أن الشراء صحيح؛ لنه لم يقترف بالعقد ما يفسده وإنما عتقه بالملك حال يختص بالعاقد، فلم يؤثر في فساد العقد.
فعلي هذا: يستبقي رق الأب، على ملك ولده، وإن أفاد ما يخرج به من ثمن الأب من ثلثه، عتق ولم يرث وإن لم يستفد شيئًا كان على رقه، فإذا مات الابن المشتري، صار الأب موروثًا لورثه ابنه.
فإن كانوا ممن يعتق عليهم الأب، لأنهم أخوة، أو بنون، عتق عليهم بملكهم له بالميراث.
وإن لم يكن الورثة ممن يعتق عليهم الأب، لأنهم أعمام أو بنو أعمام كان ملكهم موقوفًا.
والثالث: أن الشراء موقوف فإن أفاد الابن ما يخرج به عن الأب من ثلثه، عتق عليه، ولم يرثه، وإن أبرأه البائع من ثمنه، عتق عليه، لأنه صار كالموهوب له، وفي ميراثه وجهان، لأن عتقه عليه بغير ثمن.
وإن لم يفد شيئًا، ولا أبريء من ثمنه، فسخ البيع حينئذ، ورد الأب على البائع، لأنه لا يجوز أن يملك الابن أباه، فلا يعتق عليه، فلذلك فسخ العقد فيه. والأول: حكاه أبو حامد الإسفراييني، والوجه الثاني والثالث: حكاهما ابن سريج.
فعلي هذا لو اشترى الابن أباه في مرض موته، وثمنه خارج من ثلثه ثم مات، وعليه دين يستوعب جميع تركته.
فإن أمضي الغرماء ما أعتقه نفذ، وإن ردوه فهو على الرق، وفي بطلان الشراء وجهان: