ولأنه جلد يجوز الصلاة على قلبه ووجهيه، فيجوز الصلاة معه أصله جلد المزكي المأكول واحتج مالك أنه جامد نجس فلا ينقلب طاهراً. قلنا: يبطل بظاهر، ثم تأثير الدباغ في باطنه كهو في ظاهر فيستوي حكمها.
والدليل على بطلان قول الأوزاعي عموم الخبر، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولأنه حيوان طاهر العين فأشبه المأكول، واحتج بان الزكاة أقوى من الدباغ ولا تؤثر الزكاة إلا فيما يؤكل بالدباغ أولى، ولأنه حيوان لا يطهر [٣١ أ/ ١] جلده بالزكاة فلا يطهر بالدباغ كالكلب. قلنا: الدباغ أقوى؛ لأنه يرفع النجاسة المحققة والزكاة ترفع النجاسة، وإنما افترقا لأنه يقصد بالزكاة اللحم، فإذا لم ينج اللحم لا يطهر الجلد بالدباغ، يقصد الجلد لا غير فيرده إلى حالة الحياة من الطهارة.
والدليل على بطلان قول أحمد الخبر الذي ذكرناه، واحتج بما روي عن عبد الله بن عكيم أنه قال: كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهران: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب". وروي: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء". ولأنه جزء من الميتة فلا يظهر بالدباغ كاللحم، لأنه تنجس بالموت فلا يطهر بالدباغ كجلد الكلب. قلنا: أما الخبر فمضطرب مرسل، وخبرنا مسند أخرجه مسلم في الصحيح، ثم أراد به قبل الدباغ؛ لأنه يسمى إهاباً قبل الدباغ وبعده يسمى أديماً أو صوفاً. فإن قيل: خبرنا ورد قبل موته بشهر فهو متأخر؟
وأما اللحم فلا يؤثر فيه الدباغ ولا يغيره عن حالته، بل يفسده بخلاف الجلد.
وأما الكلب فجلده لمنجس بالموت. بل كان نجساً قبله بخلاف هذا.
والدليل على بطلان قول الزهري الخبر الذي ذكرنا؛ لأنه جعل الدباغ شرح في طهارة الجلد. وروت عائشة - رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع [٣١ ب/ ١] بجلود الميتة إذا دبغت". واحتج بخبر شاه ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه الدباغ، وقال: "إنما حرم من الميتة أكلها".