حاله بين خوف ورجاء فغير مخوف، وإن كان الخوف أغلب على ما ذكرنا من القولين فمن ذلك أن يقترضه الأسد فلا يجد محيصًا، فإن كانوا جماعة لم تكن حالهم مخوفة، لأن الأسد لا يفترس في الحال غلا أحدهم، فلم يكن الأغلب من حال كل واحد التلف، وإن جاز أن يكون الهالك.
وإن كان واحدًا فإن باشره الأسد فحاله مخوفة. فأما قبل المباشرة فعلى ما ذكرنا من القولين.
ومن ذلك من غشية سيل، أو غشيته نار، فإن وجد منها نجاة فحاله غير مخوفة وإن لم يجد منها نجاة فإن أدركه السيل ولحقته النار، فحاله مخوفة لأجل المحاسة.
وفيما قبل إدراك السيل ولفح النار قولان: وكذلك من طوقته أفعى فإن نهشته مخوفة وقبل نهشته على قولين، إلا أن تكون من حيات الماء التي قد يقتل سمها وقيل: لا يقتل فلا تكون مخوفة قولًا واحدًا.
ومن ذلك: أن يقيه في مغارة لا يجد فيهما طعامًا ولا شرابًا فإن جوز أن يجد الماء إلى أقصى مدة يتماسك فيها رمقه طعامًا أو شرابًا أو ما يمسك رمقه من حشيش أو ميته إما بالوصول إلى عمارة أو بالحصول على جارة، أو بأن يدركه سائر فحاله غير مخوفة لترددها بين الأمرين.
وإن يئس من ذلك كله واشتد جوعه وعطشه فعلي قولين. وكذلك راكب البحر لإإن كانت الريح ساكنة والأمواج هادئة فهو غير مخوف وهكذا لو اشتدت بهم ريح معهودة وأمواج مألوفة فغير مخوفة، وإن عصفت بهم الريح وتلاطمت بهم الأمواج حتى خرجوا عن معهود السلامة فإن كسر بهم المركب حتى صاروا على الماء فمخوف، لأن الأغلب منه سرعة الهلكة فأما قبل حمولهم على الماء فعلي قولين ومن ذلك من وجب عليه الرجم في الزني أو القتل في الحرابة فإن كان بإقراره فحاله غير مخوفة، لأنه لو رجع عن إقراره لم يرجم ولم يتحتم قتل الحرابة عليه وصار إلى خيار ولي الدم وإن كان بمشاهدة الإمام له فمخوف، لأنه لا سبيل إلى سلامته وإن كان بنية عادلة قامت عليه قد يجوز في النادر رجوعها، فعلى قولين، لأن الغالب تمام الشهادة ووجوب القتل.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى:«وإذا ضرب الحامل الطلق فهو الخوف، لأنه كالتلف وأشد وجعًا، والله تعالى أعلم».
قال في الحاوي: حكي عن مالك: أن الحامل إذا أثقلت بمعني ستة أشهر من حملها فهو مخوف لقوله تعالى: {فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا}[الأعراف: ١٨٩].
وعندنا أنه ما لم يضربها الطلق فغير مخوف، لأن الغالب من حالها السلامة، ولو