فأما الوصي، فيعتبر فيه استكمال خمسة شروط ولا تصح الوصية إليه إلا بها وسواء كانت الوصية بالولاية على أطفال أو بتفريق مال. وهي: البلوغ، والعقل، والحرية والإسلام، والعدالة.
وهي الشروط المعتبرة في جواز الشهادة. فأما الشرط الأول: وهو البلوغ فلأن القلم عن غير البالغ مرفوع، ولأن تصرفه في حق نفسه مردود، فأولى أن يكون في حق غيره مردودًا.
فلو جعل الصبي وصيًا بعد بلوغه، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون لهما في الحال قابل لها.
والثاني: أن لا يكون.
فإن لم يكن في الحال من يقبلها، بل قال: قد اوصيت إلى هذا الصبي إذا بلغ، فالوصية إليه باطلة في الحال وبعد بلوغه؛ لأنه ليس في الحال بأهل لو مات الصبي قام بها، فلذلك بطلت.
فإن كان لها في الحال من يقبلها، مثل أن يقول: قد أوصيت إلى فلان حتى يبلغ ولدي، فإذا بلغ فهو وصي: جاز، ولا يجوز مثل ذلك في الوكالة.
والفرق بينهما: أن عقد الوكالة معجل، فلم يصح بحدوث شرط مؤجل، وعقد الوصية مؤجل فجاز أن يصح بحدوث شرط مؤجل.
فصل: وأما الشرط الثاني: وهو العقل، فلأن الجنون يرفع القلم، ويمنع من جواز التصرف.
فإن كان ممن يجن في زمان ويفيق في زمان: فالوصية إليه باطلة، وسواء قل زمان جنونه أو كثر.
فلو أوصي إلى عاقل حتى إذا أفاق هذا المجنون كان وصيًا له، ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز كالصبي إذا بلغ.
والثاني: لا يجوز، لأن بلوغ الصبي لازم، وإفاقة المجنون مجوزة فلو أوصي إلى عاقل، وطرأ عليه جنون فهذا على ضربين:
أحدهما: ان يستديم به، فالوصية إليه باطلة.
والثاني: أن يفيق منه، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يطرأ الجنون بعد موت الموصي، فالوصية إليه قد بطلت كالوكالة، والوكالة تبطل بحدوث الجنون فكذلك الوصية.
والثاني: أن يكون حدوث الجنون والإفاقة في حياة الموصي ففي بطلان الوصية إليه وجهان:
أحدهما: أن يطرأ الجنون بعد موت الموصي، فالوصية إليه قد بطلت كالوكالة، والوكالة تبطل بحدوث الجنون فكذلك الوصية.
والثاني: أن يكون حدوث الجنون والإفاقة في حياة الموصي ففي بطلان الوصية إليه وجهان:
أحدهما: قد بطلت كما تبطل بحدوث ذلك بعد موت الموصي.