فجعلها القيمة على أولادها في النفقة عليهم، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في بعض المغازي، فأودع أموالًا كانت عند أم أيمن رضي الله عنها فدل ذلك على جواز استنابة المرأة في المال وعلى الأطفال، فكان لها الحضانة عليهم، وإن كان فيها معني الولاية.
فإذا ثبت أن لا فرق بين الرجل والمرأة، فلا فرق بين الصحيح والمريض إذا لم يغيره المرض عن فضل النظر.
ولكن اختلف أصحابنا في جواز الوصية إلى الأعمي على وجهين:
أحدهما: تجوز، لأنه من أهل الشهادة.
والوجه الثاني: لا تجوز لأنه قد يفتقر في الوصايا إلى عقود لا يصح من الأعمى، وفضل نظر لا يدرك إلا بالمعاينة.
فهذا حكم الوصي.
فصل: فأما الموصي: فلا يخلو ماله من أحد أمرين: إما أن يكون مالًا، أو ولاية على أطفال.
فإن كان الموصي به مالًا يفرق في أهل الوصايا، فالمعتبر في الموصي شرطان متفق عليهما. وشرطان مختلف فيهما، فأحد الشرطين المتفق عليهما: التمييز. فإن كان ممن لا يميز لصغر أو جنون، لم تصح وصيته.
والثاني: الحرية، فإن كان عبدًا لم تصح وصيته.
وأما الشرطان المختلف فيهما: فأحدهما البلوغ. والثاني: الرشد وفيهما قولان:
أحدهما: أنهما شرطان، فلا تصح وصية غير بالغ ولا سفيه.
والثاني: ليسا بشرط في جواز الوصية وتصح من غير البالغ والسفيه، ولكن لا فرق بين وصية المسلم والكافر، والعدل والفاسق، والرجل والمرأة.
فصل: وإن كانت الوصية بالولاية على أطفال اعتبر في الموصي بها ستة شروط، ولا تصح الوصية منه إلا بها:
أحدهما: جريان القلم عليه وصحة التكليف له، لأن من لا يجري عليه قلم بجنون أو صغر، لا تكون له ولاية، ولا يصح منه توليه.
والثاني: الحرية، لأن الولاية تنافي الرق.
والثالث: الإسلام في الطفل إذا كان مسلمًا، وفي اعتباره في الطفل إذا كان مشتركًا وجهان.
والرابع: العدالة، لأن الفاسق ليس له ولاية، فكان أولى أن لا تصح منه تولية.
والخامس: ان يكون ممن يلي على الطفل في حياته بنفسه، ولأنه يقيم الوصية مقام نفسه، فلم تصح إلا ممن قد استحق الولاية بنفسه، وذلك في الوالدين دون