للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهم من الأخوة والأعمام.

وقال أبو حنيفة: تصح الوصية بالولاية على الأطفال من غير الآباء، كما تصح من الآباء.

وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أن في الوالد بعضية باين بها غيره.

والثاني: أن للوالد في حياته ولاية لا يستحقها غيره، فمن هذين الوجهين اختصت الوصية بالآباء دون غيرهم.

وإذا كان هكذا، فالذي يستحق الولاية في حياته، ويوصي بها عند وفاته هو الأب وآباؤه، فأما الأم ففي ولايتها على صغار ولدها وجهان:

أحدهما: وهو قول أبي سعيد الاصطخري أنه لها عليهم ولاية كالأب، لما فيها من البعضية، وأنها برأفة الأنوثة، أحن عليهم وأشفق.

والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، لا ولايه، لأنها لما قصرت بنقص الأنوثة عن ولاية النكاح التي تسري في جميع العصبات، كان أولى أن تقصر عما يختص من الولاية بالآباء دون سائر العصبات.

فعلي هذا: إن قيل إنه لا ولاية لها: لم تصح منها الوصية بالولاية على أطفالها. وإذا قيل: إن لها الولاية بنفسها، فكذلك أمهاتها وأمهات الأب. وهل يتحقها أبو الأم؟ على وجهين:

أحدهما: يستحقها كأم الأم لما فيه من الولادة أنه أحق بالولاية على الأم من أمها.

والثاني: لا ولاية له، لأن سقوط ميراثه قد حطه من منزلة أم الأم.

فعلى هذا يكون بعد الآباء للأم. فإذا اجتمع بعد الأم، أم أب وأم أم ففي أحقيتهما بالولاية وجهان:

أحدهما: أم الأب، لأن الأب بالولاية أحق.

والثاني: أم الأم، لأنها بالحضانة أحق.

فإذا أوصيت مستحقه الولاية من الأمهات، بالولاية على الأطفال: صحت الوصية.

والسادس: أن لا يكون للطفل من يستحق الولاية بنفسه، لأن مستحق الولاية بنفسه، أولى من مستحقها بغيره، فعلى هذا لو أوصي الأب بالولاية على أطفال وهناك جد: كانت الوصية باطلة. وقال أبو حنيفة: لا اعتبار بهذا الشرط، ويجوز للأب أن يوصي بالولاية على أطفاله إلى أجنبي وهناك جد، كما يجوز في إنفاذ الوصايا.

وهذا غير صحيح، لأن الوصايا لا يستحقها الجد بنفسه وليس كالولاية على الأطفال، لأن الجد يستحقها بنفسه، فكان أحق من الموصي.

فلو أوصي الأب بها وهناك أم، فإن قيل: إنه لا ولاية للأم: صحت الوصية إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>