يكون حكم إطلاق الوصية إليهما، كالحكم في اجتماعهما عليها، فإن مات أحدهما أو فسق، أبدل الحاكم مكانه غيره، فإن تفرد الباقي منهما بالنظر: ضمن متعلق بعقد أو اجتهاد، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى:«فإن اختلفا قسم بينهما ما كان ينقسم وجعل في أيديهما نصفين وأمر بالاحتفاظ بما لا ينقسم».
قال في الحاوي: أعلم ان الوصية إلى مقصودها، فضل النظر، فإذا دعي الوصيان إلى قسم المال بينهما، نظر، فإن كان الموصي قد صرح بمنعها منه، منعًا. وإن كان قد صرح لهما بالإذن فيه، مكنا. وإن أطلق نظر في القسمة، فإن أضرت بالمال أو كان مما لا تتأتي فيه القسمة، منعا منها، ولم يجز إذا كانا مجتمعين إن ينفرد أحدهما يحفظ المال دون صاحبه، كما لا يجوز أن ينفرد بإنفاذ الوصايا.
وقال أبو حنيفة: تقع بينهم المهايأة، فيحفظ هذا يومًا، وهذا يومًا. وهذا فاسد؛ لأن المهايأة تقتضي انفراد أحدهما بالحفظ في زمانه ولو جاز هذا، لجاز تفرده به في كل الزمان، لأن من لا يرتضي بانفراده في جميع الزمان، لا يرتضي بانفراده في بعضه.
فصل: فأما إذا لم يكن في القسمة ضرر، ولا كان بين الموصي فيها نهي نظر: فإن كانا منفردين، قد جعل إلى كل واحد منهما مثل ما إلى الآخر: جاز أن يقتسما المال إلا أنها قسمة حفظ، وليست قسمة مناقلة، فيقتسمان على القيم، لا على الأجزاء؛ لأن قسمه المناقلة تكون بين الورثة على الأجزاء، وقسمة الحفاظ تختص بالأوصياء، وتكون على القيمة، فياخذ أحدهما دارًا، والآخر متاعًا، ثم لكل واحد منهما بعد القسمة أن ينصرف فيما بيده، وفيما بيد صاحبه، لأن لكل واحد منهما أن ينفرد بالنظر في الجميع.
وإن كانت الوصية إليهما مجتمعين وليس لأحدهما التفرد بالنظر، ففي جواز اقتسام المال حفاظًا له، وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي، والأظهر عندي، ليس لهما ذلك كما ليس لهما التفرد بالإنفاذ.
والثاني: وهو قول أبي سعيد الإصطخري، وأبي علي بن أبي هريرة، لهما القسمة، لأن اقتسامهما المال أعون لهما على حفظه، وإنما الاجتماع على التنفيذ فإذا اقتسما: لم يكن لواحد منهما أن يصرف فيما بيده إلا مع اجتماع صاحبه.
فصل: وإذا أوصى الرجل بوصية أسندها إلى رجل ثم أوصي بعدها بوصية أخرى، أسندها إلى رجل آخر، فإن صرح في الثانية بالرجوع عن الأولى، فالوصية الثانية هي المعمول عليها، وإن لم يصرح في الثانية بالرجوع عن الأولى، عمل عليهما معًا، فما كان