للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكرارها في كل موضع ولو كان ما توهم صحيحًا لاقتضي إذا كرر أحدهما في مواضع وكرر الأخرى في مواضع أن يكون نافيًا لهما والذي يقتضي تحقيق مذهبه في أحد القولين أن يقول وبهذا أقول وهو أولى أن يحتج له.

فأما تكراره والتفريع عليه فقال بعضهم: لا تأثير لهما كما لا تأثير لزيادة الشهود في تعارض البينتين. وقال آخرون: لها تأثير في أن غيرها لا يترجح عليه. واختلفوا هل يصير بها أرجح من غيره فرجح بها بعضهم ولم يرجح بها آخرون.

والفصل الثاني: قال المزني: فقال -يعني الشافعي- فإن مات المعتق أخذ ما لزمه من رأس المال لا يمنع الموت حقًا لزمه، كما لو جني جناية، وهذا ذكره المزني احتجاجًا أن أخذ قيمة الحصة من شريكه بعد موته دليل على نفوذ العتق في حياته ولا حجة في هذا، لأن القيمة مأخوذة من شريكه على الأقاويل كلها، لأنه وإن لم يعتق عليه في أحدها، فقد كان منه السبب الموجب لعتقه، فكان مأخوذًا بعتقه في تركته كما لو جرح عبدًا فسرى الجرح إلى نفسه بعد موته أخذت قيمة العبد من تركته، وإن وجبت بعد موته، وكذلك إن حفر بئرًا في غير ملكه، ومات، كان غرم ما تلف فيها بعد موته من تركته، وإن وجبت بعد موته، لتقدم السبب في حياته، فلم يكن لما ذكره المزني من أخذ القيمة من تركته دليل على نفوذ العتق في حياته، لأننا إن قلنا بالأول أنه يعتق عليه بلفظه، كان المأخوذ من تركته، ما وجب عليه غرمه في حياته.

وإن قلنا بالثاني: أنه يعتق بأداء القيمة، فقد وجد منه السبب الموجب لعتقه، فوجب أن يكون غرم القيمة في تركته، لتقدم السبب الموجب لعتقه، كحفر البئر.

والفصل الثالث: قال المزني: قال الشافعي: إن العبد حر في شهادته، وحدوده، وميراثه، وجناياته، قبل القيمة وبعدها، وهذا الذي حكاه المزني مبني على الأقاويل الثلاثة، فإن قيل: بنفوذ عتقه باللفظ، جرت عليه أحكام الأحرار في شهادته، وواجباته، وجناياته، وحدوده، وميراثه. وإن قيل إنه لا يعتق، إلا بأداء القيمة، جرت عليه أحكام العبيد في هذا كله. وإن قيل: إن عتقه موقوف على أداء القيمة، كانت أحكامه في هذا كله، موقوفة، فإن عتق بأداء القيمة، جرت عليه أحكام الأحرار في جميعها، وغن لم يعتق بها، جرت عليه أحكام العبيد في جميعها، فكان ما ذكره الشافعي -رحمه الله- على أحد أقاويله، فلم يكن فيه دليل.

والفصل الرابع: قال المزني: فقد قطع بأن هذا المعني أصح قال المزني، وما قطع به في أربعة مواضع، أولى من أحد قولين لم يقطع به، وهذا الذي حكاه عن الشافعي وقطع به في أربعة مواضع، إن كان منه قطعًا بصحته كان تحقيقًا لمذهبه وعدولًا عن غيره، وإن كان قطع به، لأن ذكره فيها، ولم يذكر غيره، فقد تقدم الجواب عنه، والمزني عدل فيها رواه معمول بها حكاه، والظاهر من روايته القطع بصحته، فلا امتناع من تصحيحه على مذهبه.

والفصل الخامس: قال المزني، وهو اقياس على أصله في القديم، أن العتق يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>