تكلم بالعتق، حتى أقرع بين الأحياء، والأموات، فهذا بقوله أولى. فيقال له.
أما القرعة بين من أعتقهم في مرضه إذا عجز الثلث عن قيمتهم بعد موته، واجبة، وخروجها لأحدهم، موجب لتقدم عتقه في حياته، ولو مات أحدهم، وخرجت عليه القرعة بعد موته، بان أنه كان حرًا قبل موته، وهذا مما لا يختلف فيه مذهبه، وليس فيه دليل على عتق حصة الشريك قبل أخذ قيمته، لوقوع الفرق بينهما، فإن عتقه في المرض صادف ملكه، فوقع وإنما دخلت القرعة لاسترقاق ما عجز عنه الثلث، فصار العتق متقدمًا، واستدراكه بالعجز متأخرًا، وليس كذلك عتقه في حصة الشريك، لأنه عتق سري إلى غير ملكه، فلم تستقر السراية إلا بدفع بدله، لئلا يزال ملكه المستقر بغير بدل مستقر، ثم يستخرج من معني العتق في المرض دليل عليه أن العتق في حصة الشريك لا يقع إلا بدفع القيمة بأن العتق في المرض لما لم يتحرر إلا بأن يجعل للورثة، مثلًا قيمته وجب أن لا تعتق حصة الشريك، إلا بأن يصل إلى قيمته فيصير ما ذكره دليلًا عليه.
الفصل السادس: قال المزني: وقد قال الشافعي: فإن أعتق الثاني، كان عتقه باطلًا، وفي ذلك دليل على أنه لو كان ملكه بحالة العتق، بإعتقاه إياه، قيل: قد ذهب أبو علي ابن أبي هريرة إلى أن عتق الشريك لا يقع إذا قيل: إن حصته قد عتقت على المعتق بلفظه، ويعتق على الشريك إذا قيل: إن حصته لا تعتق إلا بدفع القيمة، فخلص من هذا الاعتراض، والذي عليه جمهور أصحابنا، وهو الظاهر من منصوص الشافعي، أن عتق الشريك لا يقع على الأقاويل كلها، لأنه إن قيل: إن العتق قد سري إلى حصته، فقد أعتق بعد زوال ملكه. وإن قيل: إن العتق لا يسرع إليها بعد دفع القيمة، فقد تعلق بها للمعتق حق السراية، واستحقاق الولاء، فأوقع على الشريك في ملكه حجرًا منع من التصرف فيه بعتق وغيره، والحجر يمنع من وقوع العتق مع ثبوت الملك، كالأمة إذا أعتقت تحت عبد فطلقها قبل الفسخ، لم يقع طلاقه في الحال، وغن كان مالكًا للبعض لما في وقوع طلاقه من إبطال حق الزوجة من الفسخ، وصار حقها فيه موقعًا للحجر عليه في طلاه، فإن فسخت لم يقع طلاقه وإن أقامت وقع الطلاق لرفع الحجر بالإقامة.
والفصل السابع: قال المزني: وقوله في الأمة بينهما أنه إن أحبلها أحدهما، صارت أم ولد له وإن كان موسرًا، كالعتق وإن شريكه إن وطئها، قبل أخذ القيمة، كان مهرها عليه تامًا.
وفي ذلك قضاء لما قبل، لأن إحبال أحد الشريكين لها جار مجري عتقه، له على الأقاويل الثلاثة: أحدها: أنها قد صارت كلها أم ولد له بالإحبال، فإذا وطئها الشريك الآخر، كان عليه جميع مهرها. والقول الثاني: أن حصة الشريك، لا تصير للمحبل أم ولد، إلا بدفع القيمة، وإن وطئها الشريك، كان عليه نصف مهرها. والقول الثالث: أنه موقوف، فإن دفع المحبل القيمة بان أنها أم ولده بالإحبال، وكان على الشريك، إذا