وطئ جميع المهر، وإن لم يدفع القيمة بان أن حصة الشريك باقية على ملكه، فلم يجب عليه بوطئها إلا نصف المهر فلم يكن بين الإحبال والعتق فرق، ولم يكن في استشهاده به دليل.
والفصل الثامن: قال المزني: ودليل آخر لما كان الثمن في إجماعهم بتمييز أحدهما بيع عن تراض، يجوز فيه التغابن والآخر فيه متلف لا يجوز فيه التغابن وإنما هي على التعديل والتقسيط، فلما حكي النبي - صلى الله عليه وسلم - على الموسر المعتق بالقيمة، دل على أنها قيمة متلف على شريطه، يوم أتلفه. فهذا كله قضاء لأحد قوليه على الآخر وبالله التوفيق.
فيقال للمزني: جعلت الأثمان ضربين: الأول: ضرب لأعيان ثابتة بعقد عن تراض يجوز فيه التغابن كالبيع. الثاني: وضرب يكون فيه متلفًا ولا يجوز فيه التغابن كالشريك فجعلت هذا دليلًا على أن حصة الشريك لما استحق فيها مقدارًا، لا يجوز فيه التغابن، أنه قيمة متلف بالعتق.
وها هنا ضرب ثالث، يستحق فيه مقدر لا يجوز فيه التغابن وليس بمتلف، ولا مستهلك وهو الشفيع ينتزع الشقص من المشتري بالثمن المقدر الذي لا يستحدث فيه التغابن، وليس بتالف، وإذا أوصي الرجل ببيع عبده، على زيد استحق بيعه عليه بقيمته المقدرة، وليس بتالف فلما كان هذا ضربًا ثالثًا تقدر فيه الثمن وزال عنه التغابن، وهذا باق غير تالف دخلت فيه حصة الشريك المقدرة عن غير متلف.
وهذا من الضرب الثالث وإهن خرج عن الضربين الأولين.
فصل
وإذا تقرر أن نفوذ العتق في حصة الشريك يكون على الأقاويل الثلاثة، انتقل الكلام إلى التفريع على كل قول منها.
فإذا قيل بالأول أنه يعتق بنفس اللفظ، فقد اختلف أصحابنا في وقوع العتق عليها، هل يقترن بعتق ملكه؟ أو يتعقبه بالسراية بعد نفوذ العتق في ملكه؟ على وجهين:
أحدهما: يعتق بالسراية بعد نفوذ العتق في ملكه ولا يعتق الجميع في حالة واحدة بلفظة، لأنه لو تلفظ بعتق حصة الشريك لم يعتق بلفظه، فدل على عتقه بالسراية دون لفظه.
والوجه الثاني: قاله شاذ من أصحابنا أن جميعه يعتق في حالة واحدة عتق مباشرة، لا يتقدم أحدهما على الآخر، لأن عتقهما عن لفظ، فوجب أن يقع عليها باللفظ، ويكون المعتق مأخوذًا بالقيمة على الوجه الأول، عقيب عتقه، وعلى الوجه الثاني بقيمته مع عتقه، ولو مات العبد عقيب العتق، مات حرًا، وما له لورثته، ولم تسقط القيمة عن معتقه، ويملك إكساب نفسه، وتسقط نفقته، وزكاة فطره، عن معتقه، ولو مات المعتق قبل دفع القيمة، أخذت من تركته لو أعسر بها، بعد يساره كانت دينًا يحاص بها الشريك جميع غرمائه، ولو اختلف المعتق والشريك في قيمة الحصة، وتعذرت البينة بها، كان القول فيها قول المعتق مع يمينه، لأنه غارم، ولو كان مكان