للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد منهما ينفي أن يكون مالكًا لولائه. فإن تصادقا بعد التحالف والإنكار، حملًا على مقتضي تصادقهما. والقول الثاني: أنها لا تعتق حصة واحد منهما بهذه الدعوى إذا قيل: بالقولين الآخرين أن حصة الشريك لا يعتق إلا بدفع القيمة أو أنها موقوفة على دفع القيمة، ويكون العبد بينهما على رقه، وفي جواز تصرفهما فيه بالبيع والعتق ما قدمناه من الوجهين.

ثم عاود المزني تصحيح القول الذي اختاره من سراية العتق إلى حصة الشريك بلفظ المعتق بخمسة فصول:

أحدها: إن قال قد قطع يعني «الشافعي» بجوابه الأول أن صاحبه زعم أنه حر كله، وقد أعتق نصيب المقر بإقراره قبل أخذه قيمته فتفهم.

فيقال للمزني: هذا إنما قاله الشافعي على أحد أقاويله الثلاثة أن العتق يسري باللفظ، ولم يقله على القولين الآخرين اقتصارًا بالتفريع على أحدهما اختصارًا وقد ذكرنا ما يقتضيه تفريعه على أحد أقاويله، فأغني عن إعادته.

والفصل الثاني: قال المزني: ولا خلاف أن من أقر بشيء يضره لزمه، ومن ادعي حقًا لم يجب له، وهذا مقر للعبد بعتق نصيبه فلزمه، ومدع على شريكه قيمة لا تجب له.

وهذا قاله المزني تحقيقًا لاختياره، وتعليلًا لصحته، فمن أصحابنا من صحح هذا التعليل وأجراه في كل معلول به، لكنه تعليل لحكم القول إذا جعل العتق ساريًا باللفظ. وليس بتعليل لصحته أنه يسري باللفظ. ومن أصحابنا من نقض تعليله، ومنع أن يكون جاريًا في كل معلول به، فإن من ادعي أنه باع عبدًا على زيد بثمن لم يقبضه، وأنكر زيد فهو مقر له بالعبد، ومدع عليه الثمن، وليس يلزمه تسليم العبد وإن كان مقرًا به، كما لم يستحق الثمن وإن كان مدعيًا له.

والفصل الثالث: قال المزني في قوله: «وجميع من عرفت من العلماء أن لو قال لشريكه: بعتك نصيبي بثمن، وأسلمته إليك، وأنت موسر، وأنك قبضته وأعتقته، وأنكر شريكه أنه مقر بالعتق لنصيبه، نافذ عليه، ومدع لثمن لا يجب له. وهذا وذاك عندي في القياس سواء، وهذا قضاء لأحد قوليه على الآخر» وهذا قاله المزني: احتجاجًا على وقوع العتق في حصة الشريك باللفظ والسراية بأن الشريك لو ادعي على شريكه أنه باعه حصته بثمن له فقبضه، وأنه سلم الحصة إليه وعتقها، وأنكر الشريك التسليم والعتق فحصة المدعي قد عتقت عليه قولًا واحدًا عند جميع أصحابنا إذا كان بعد التسليم.

وقول قال: عتقته قبل التسليم كان في نفوذ عتقه عليه لأصحابنا وجهان: أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يعتق لأنه قد جعله معتقًا لملك. والوجه الثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يعتق لأنه قبل التسليم في حكم الحجر لارتهانه على ثمنه ثم إذا لزمه العتق على هذا التفصيل لم يكن فيه دليل على سراية العتق باللفظ دون القيمة، لوقوع الفرق بينهما بأنه في مسألة البيع جعله معتقًا لملك ينفذ فيه العتق، فلذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>