عتق عليه بهذه الدعوى، وفي مسألة السراية جعله معتقًا لغير ملكه فجاز أن لا تقع فيه السراية حين لم يقع عتق المباشرة، لأن العتق بالسراية يتفرع عن عتق المباشرة فلم يثبت حكم الفرع مع عدم أصله.
والفصل الرابع: قال المزني: وقد قال الشافعي: «لو قال أحدهما لصاحبه إذا أعتقته فهو حر فأعتقه كان حرًا في مال المعتق» وهذا قاله المزني إلزامًا لنفوذ العتق بسراية اللفظ دون دفع القيمة بأن أحد الشريكين لو قال لصاحبه: إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر، فأعتق الشريك نصيبه، فإن كان معسرًا فقد عتقه في حصته، ولم يسر إلى حصة شريكه، وعتقت حصة الشريك عليه بالصفة التي عقلها بعتق صاحبه، وإن كان المعتق موسرًا لم يعتق على الشريك حصته بالصفة على الأقاويل كلها سواء قيل: إن العتق يسري باللفظ، أو يقع بدفع القيمة، أو يكون موقوفًا.
وعند ابن أبي هريرة أنه يعتق بالصفة إذا قيل: إن عتقها في حق المعتق لا يقع إلا بدفع القيمة، ونص الشافعي وما عليه قول سائر أصحابه أنه لا يعتق بالصفة على الأقاويل كلها، لأنه لما عتق على المعتق بالسراية فقد تقدم عتقه على عتق الصفة، وإن قيل: لا يعتق عليه إلا بدفع القيمة، فقد أوقع عتقه حجرًا في استحقاق الولاء على عتق باقية فلم ينفذ عتق محجور عليه.
فإن قيل: فقد عقد الشريك صفة عتقه في حال هو فيها غير محجور عليه. قيل: هو وإن كان غير محجور عليه في هذه الحال فقد علق عتقه بصفة يصير فيها محجورًا عليه في ثاني حال.
والفصل الخامس: قال المزني: ودليل آخر من قوله إنه جعل قيمته يوم تكلم بعتقه، فدل أنه في ذلك الوقت حر قبل دفع قيمته. قيل للمزني: لا يختلف مذهب الشافعي أن قيمة حصة الشريك معتبرة بوقت العتق على الأقاويل كلها، لكن لا يدل اعتبارها بالعتق على وجوبها وقت العتق، كالجناية على العبد إذا سرت إلى نفسه، اعتبرت قيمته بوقت الجناية وإن وجبت بموته، وكالضارب بطن الأمة، إذا ألقت جنينًا ميتًا اعتبرت دية جنينها بقيمتها وقت ضربها وإن وجبت بإلقائه ميتًا. وقد أطال المزني فأطلنا ولو اختصر كان أولى به وبنا وإن مضي في خلال الكلام أحكام مستفادة.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «وسواء كان بين مسلمين أو كافرين أو مسلم وكافر (قال المزني) وقد قطع بعتقه قبل دفع قيمته ودليل آخر من قوله أنه جعل قيمته يوم تكلم بعتقه فدل أنه في ذلك الوقت حر قبل دفع قيمته».
قال الماوردي: لا يخلو حال العبد بين الشريكين إذا أعتقه أحدهما من ثلاثة أقسام: أن يكون بين مسلمين يعتق أحدهما حصته فاعتباره بيساره وإعساره على ما قدمناه، وسواء كان العبد مسلمًا أو كافرًا.