والقسم الثاني: أن يكون بين كافرين، فللعبد حالتان: إحداهما: أن يكون كافرًا، فلا اعتراض عليهما في عتقه، ما لم يتحاكموا فيه إلينا، فإن تحاكموا فيه إلى حاكمنا ففي وجوب حكمه بينهما قولان: أحدهما: لا يجب ويكون فيه مخيرًا وهم فيه مخيرون. والقول الثاني: يجب عليه الحكم، ويجب عليهم الالتزام، ويحكم بما يوجبه حكم الإسلام. والحالة الثانية: أن يكون العبد مسلمًا. فعلى حاكمنا أن يحكم بينهما فيه، وعليهما التزام حكمه لتعلقه بحق المسلم، فينفذ عتق المعتق وينظر حاله. فإن كان موسرًا، وقيل: يسري عتقه بلفظه، لم يعترض عليه في دفع القيمة، ما لم يطالب بها الشريك، وكان له جميع ولائه، ولا يمتنع ثبوت الولاء لكافر على مسلم، لأنه كالنسب الذي يستوي فيه المسلم والكافر.
وإن قيل: إنه لا يعتق حصة الشريك إلا بدفع القيمة أو أنه موقوف مراعي، فعلى الحاكم أن يأخذ المعتق بتعجيل القيمة ليتعجل بها عتق المسلم ولا يبقي عليه رق لكافر، فإن عجلها وإلا أخذها الحاكم من ماله جبرًا، فإن قبلها الشريك وإلا أعتقها عليه حكمًا.
والقسم الثالث: أن يكون أحدهما مسلمًا والآخر كافرًا، فللعبد حالتان:
إحداهما: أن يكون كافرًا، فيستوي في حكم الشريكي، سواء كان المعتق مسلمًا أو كافرًا وسواء كان معسرًا أو موسرًا.
والحالة الثانية: أن يكون العبد مسلمًا فلا يخلو حال معتقه منهما أن يكون هو المسلم، أو الكافر. فإن كان هو المسلم، عتقت حصته، وكان له ولاؤها فإن كان موسرًا قوم عليه باقية.
فإن قيل: بنفوذ عتقه بسراية لفظه، وقفت القيمة على مطالبه الشريك بها.
وإن قيل: إن عتقه لا يسري إلا بدفع القيمة، أخذ بتعجيلها لأن يتعجل عتقها، ولا يستديم الكافر ملك رقها. وإن كان معسرًا لم يسر عتقه، وقيل: للشريك الكافر لا يقر ملكك على استرقاق مسلم، وأنت بين خيارين: إما أن تعتقه، أو تبيعه على مسلم، فإن دبره لم يقر تدبيره لما فيه من استيفاء رقه مدة حياته، وإن كاتبه ففي إقراره على كتابته قولان، وإن كان المعتق هو الكافر نفذ عتقه في حصته، ونظر فإن كان معسرًا لم يسر عتقه وأقر رق باقيه على ملك الشريك المسلم وإن كان موسرًا.
فإن قيل: بسراية عتقه بلفظه، عتقت عليه وكان فيها كالمسلم، لأنه يغرم قيمة متلف، يستوي فيه المسلم والكافر. وإن قيل: إن عتقه لا يقع إلا بدفع القيمة، فقد اختلف أصحابنا في هذا التقويم، هل يجري مجري البيع، أو مجري قيمة مستهلك؟ على وجهين: أحدهما: وهو قول المزني، وبعض المتأخرين، أنه تقويم مستهلك. فعلى هذا يقوم عليه كتقويمه على المسلم. ويؤخذ بتعجيل القيمة ليتعجل بها العتق. والوجه الثاني: وهو قول شاذ من المتأخرين أنه يجري مجري البيع، فعلى هذا يكون جواز تقويمه في حق الكافر على قولين من ابتياع الكافر لعبد مسلم: أحدهما: يبطل