البيع، ويبطل التقويم، ويكون ملك رقة باقيًا على الشريك المسلم. والقول الثاني: لا يبطل البيع، ولا يبطل التقويم، ويعتق في حق الكافر كما يعتق في حل المسلم، وهذا أظهرهما في التقويم. والأول أظهرهما في البيع، لإفضاء التقويم إلى العتق وإفضاء البيع إلى الملك.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «وإذا أدي الموسر قيمته كان له ولاؤه».
قال الماوردي: إنما يريد بيسار المعتق أن يكون مالكًا لقدر قيمة الباقي من رقه، وليس عليه فيه حق لغيره فاضلة عن قوته وقوت عياله في يومه وليلته، وسواء صار بعد دفع القيمة فقيرًا أو كان غنيًا.
فإذا تحرر عتق باقية بدفع القيمة على الأقاويل كلها، وكان له ولاء جميعه بعتق المباشرة وعتق السراية واستحقاق الولاء بهما على سواء، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والولاء لمن أعتق» وهو معتق بالمباشرة والسراية، وسواء تماثل العتقان، أو تفاضلا، وأنه يسري عتق اليسير إلى الكثير كما يسري عتق الكثير إلى اليسير، واعتبار يساره وإعساره وقت العتق. فلو كان موسرًا وقت العتق معسرًا وقت التقويم فإن قيل: إن العتق يسري باللفظ لم يؤثر فيه حدوث اعتباره، وكانت القيمة دينًا عليه يؤخذ بها إذا أيسر. وإن قيل: إنه لا يعتق إلا بدفع القيمة، فما لم يحاكمه الشريك فيها، كانت حصته على وقفها، وإن حاكم فيها وطلب القيمة، أو فسخ الوقف ليتصرف في حصته، كشف عن حال المعتق، فإذا ثبت عنده إعساره، حكم بفسخ الوقف كما يحكم للزوجة بفسخ النكاح إذا أعسر الزوج وجاز للشريك أن يتصرف في حصته بما شاء من بيع أو غيره. ولو كان موسرًا ببعض الحصة معسرًا ببعضها، عتق عليه من الحصة قدر ما أيسر بقيمته، وكان فيما أعسر به منها في حكم المعسر.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «وإن كان معسرًا عتق نصيبه وكان شريكه على ملكه يخدمه يومًا ويترك لنفسه يومًا فما اكتسب لنفسه فهو له».
قال الماوردي: وهذا صحيح والمعتبر بإعساره أن لا يملك قيمة الحصة الباقية لشريكه، ولا قيمة شيء منها وقت عتقه، فإن ملكها وعليه دين قد استحق فيها يصير باستحقاقها في الدين معسرًا بها فهذا على ضربين: أحدهما: أن يكون الدين مؤجلًا لا يستحق تعجيله فيجري عليه حكم اليسار في عتق الحصة عليه، لأن في يده ما هو مقر على ملكه. والضرب الثاني: أن يكون الدين حالًا ففيه قولان من اختلاف قوليه في الدين هل يمنع من وجوب الزكاة في العين؟: أحدهما: يجري عليه حكم اليسار، إذا قيل إن الدين لا يمنع من وجوب الزكاة في العين. والقول الثاني: يجري عليه حكم الإعسار إذا قيل: إن الدين يمنع من وجوب الزكاة في العين، فإذا كان معسرًا بها نفذ