فأما غير المألوف من الكسب، كالكنزل واللقطة، وغير المألوف من النفقة، كزكاة الفطر، ففي دخولها في المهاياة وجهان: أحدهما: وهو الظاهر من مذهب الشافعي، وقول أبي سعيد الاصطخري أنهما داخلان في المهيأة، كالمألوف منها، فإن كانا في يوم العبد اختص بالكنزل، واللقطة، وتحمل زكاة الفطر وإن كانا في يوم السيد اختص بذلك دون العبد. والوجه الثاني: وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي، أنهما لا يدخلان في المهيأة لأنه قد يكون هذا في زمان أحدهما دون الآخر، فلا يتساويان فيه، ويكون حدوث ذلك في زمان أحدهما، موجبًا لأن يكون بينهما وإن كان ما عداهما من المألوف جاريًا على المهايأة.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «وإن مات وله وارث ورثه بقدر ولائة فإن مات له مورث لم ييرث منه شيئًا (قال المزني) القياس أن يرث من حيث يورث، وقد قال الشافعي: إن الناس يرثون من حيث يورثون وهذا وذاك في القياس سواء».
قال الماوردي: وهذه المسألة فيمن عتق بعضه، ورق بعضه، هل يرث ويورث؟ وهما فصلان:
أحدهما: هل يرث إذا مات له موروث، أم لا؟. وفيه بين الصحابة رضي الله عنهم خلاف محكي عن ابن عباس انه يرث كالحر ميراثًا كاملًا، وبه قال أبو يوسف، ومحمد، وحكي عن علي عليه السلام أنه يرث بقدر ما فيه من الحرية، ويحجب بقدر ما فيه من الرق، وبه قال المزني، وعثمان البتي، وذهب بقية الصحابة، وجمهور التابعين والفقهاء إلى أنه لا يرث إذا كان فيه جزء من الرق وإن قل، لأنه لما جرت عليه أحكام الرق فيما سوى الميراث، من نكاحه وطلاقه، وولايته، وشهادته، جرت عليه أحكام الرق في ميراثه، ولأن الرق مانع من الميراث، فإذا لم يزل الرق لم يزل مانع الميراث. قال المزني:«القياس أن يرث من حيث يورث».
قيل: قد يورث من لا يرث، كالجنين يورث ولا يرث، والعمة تورث ولا ترث، والجدة أم الأم، ترث ولا تورث، فلم يكن هذا قياسًا مستمرًا في غير المعتق بعضه، فلم يزل في المعتق بعضه. فإن قيل: فقد قال الشافعي: «الناس يرثون من حيث يورثون» قيل له: لم يقله الشافعي تعليلًا عامًا، فيجعله قياسًا مستمرًا، وإنما قال ردًا على من ألحق الولد بماء أبيه ولم يورث كل واحد منهم ميراث أب، وورث الولد من كل واحد منهم، ميراث ابن، فقال: الناس يرثون من حيث يورثون؛ لنه كمل النسب، ولم يكمل الميراث فتوجه الرد به للشافعي، ولم يتوجه الرد به للمزني.
فصل
وإذا مات هذا الذي تبعضت فيه الحرية والرق هل يورث أم لا؟