وهذا كما قال: يستحب وضع أصبعيه في أذنيه لما ذكرنا في خبر أبي جحيفة، ولأنه إذا انسد خروق الأذن يكون صوته أرفع وأبلغ في الإعلام، ولا يفعل ذلك في الإقامة، لأنه لا يحتاج فيها إلى الرفع البليغ.
مسألة: قال: "ويكون على طهر".
وهذا كما قال أراده، وحسن أن يكون على طهر، وإنما يستحب ذلك لما روى وائل بن حجر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حق وسنة أن لا يؤذن أحد (إلا) وهو طاهر»، ولأنه يستحب أن يؤذن عقيب الأذان ركعتين، ولأن الأذان يراد للصلاة التي تجب فيها الطهارة، فيسن فيه الطهارة فإن أذن على غير طهارة نظر، فإن كانت المنارة خارج المسجد كره ذلك لكونه غير طاهر وأجزأه جنباً كان أو محدثاً وإن كانت المنارة في المسجد فإن كان محدثاً فكذلك، وإن كان جنباً حرم عليه اللبث في المسجد، ولكنه لو لبث وأذن أجزأه الأذان.
وقال الشافعي في «الجامع الكبير»: «وأن للأذان مجنباً أكره للأذان محدثاً، وأن للإقامة محدثاً أكره مني للأذان محدثاً لأنهم إن انتظروه شقَّ عليهم، وإن لم ينتظروه كان موضعاً للتهمة».
قال أصحابنا: أما زيادة كراهية أذان الجنب على أذان المحدث، فلأجل أن طهر المحدث أخف وأقل شغلاً والغسل أكثر شغلاً فيشق على الناس انتظاره، ولأنه لا يمكنه [٢١ ب/ ٢] الوقوف في المسجد بخلاف المحدث. وأما زيادة كراهية الإقامة، فلما ذكره الشافعي رحمه الله. وأيضاً السنة أن لا تباعد الصلاة عن الإقامة، فلا ينتظره الناس ويتهم في تخلفه عن الصلاة ويلحقه الاستخفاف.
وقال أحمد وإسحق: لا يجوز الأذان على غير طهارة قياساً على الخطبة. وهذا غلط لما ذكرنا من الخبر، فأخبر أنه سنة، ولأنه ذكر مشروع خارج الصلاة، فلا يجب فيه الطهارة كالتكبير في العيد بعد الصلاة. وأما الخطبة ففيها قولان، وإن سلمنا، فالفرق أنها ذكر واجب أقيمت مقام ركعتين بخلاف الأذان.
فرع آخر:
لو افتتح الأذان على طهر ثم أحدث في خلاله، قال في «الأم»: بنى على أذانه،