عليك أو على أن ولاءك للمسلمين ويكون ولاءه للمسلمين دون المعتق. وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وربيعة، ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الولاء لمن أعتق»، وقيل في قوله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ولا سَائِبَةٍ}[المائدة: ١٠٣]، أراد بالسائبة هذا. وروي أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال: إن أعتقت غلامًا لي وجعلته سائبة، فمات وترك مالا، فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون إنما كان يسيبه أهل الجاهلية، وأنت وارثه، وولي نعمته، فإن تحرجت من شيء فأدناه أن تجعله في بيت المال، ويروى عن سالم مولى أبي حذيفة أنه كان مولى لامرأة من الأنصار، ويقال لها: عمرة بنت يعار أعتقته سائبة فقتل يوم اليمامة فأتى أبو بكر الصديق رضي الله عنه بميراثه فقال: أعطوه عمرة فأبت تقبله، وقيل: أتى عمر رضي الله عنه بميراثه فدعا وديعة بن خدام وكان وارث عمرة بنت يعار، فقال: هذا ميراث مولاكم فخذوه، فقال: يا أمير المؤمنين أعتقته صاحبتنا سائبة وقد أغنانا الله عنه فلا حاجة لنا به فجعله عمر رضي الله عنه في [١٠/ ب] بيت مال المسلمين.
وروي أن طارق بن المرتع أعتق أهل بيته سوائب، فأتي بميراثهم، فقال عمر رضي الله عنه: أعطوه ورثة طارق فأبوا أن يأخذوه، فقال عمر: اجعلوه في مثلهم من الناس. ولأن الولاء من مقتضى العتاق كالرجعة في الطلاق الرجعي ولا تسقط الرجعة بالشرط فكذلك الولاء. ثم قال الشافعي رضي الله عنه بعد هذا ردًا على مالك في السائبة، فقال: والمعتق سائبة معتق وهو أكبر من هذا في معنى المتعتقين يعني قد زاد على سائر المعتقين في قصد إزالة الملك، فكيف لا يكون له ولاء، فالمعتق سائبة قد أنفذ الله له العتق لأنه طاعة، وأبطل الشرط بأن لا ولاء له لأنه معصية، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لمن أعتق».
مسألة: قال: "ومن ورث من يعتق عليه أو مات عن أم ولده فله ولاءهم وإن لم يعتقهم صريحا لأنهم في معنى من أعتق».
جملة هذا أن كل مملوك عتق على غيره باختياره، أو غير اختياره ثبت ولاءه ل هـ ولو باع عبده من نفسه بمال في ذمته، ففي ولائه وجهان: أحدهما: أنه لسيده والثاني: لا ولاء لسيده لأنه لم يعتق من ملكه ولا يملك العبد الولاء على نفسه.
مسألة: قال: «وإذا أخذ أهل الفرائض فرائضهم، ولم يكن له عصبة قرابة من قبل الصلب كان ما بقي للمولى المعتق».
جملة هذا أن ما يكون العصبات للنسب فهو للمعتق إن لم يكن عصبة النسب لما