روي أن ابنة حمزة أعتقت جارية لها [١١ /أ] فماتت المعتقة وخلفت مالا ولم يرثها إلا ابنة واحدة فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الابنة الصنف وأعطى المعتقة الباقي وليس هذا حمزة عم النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو حمزة آخر. وروى الحسن: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل، فقال: اشتريته وأعتقته، فقال: هو مولاك إن شكرك فهو خير له وإن كفرك فهو شر له وخير لك، فقال: ما أمر ميراثه، فقال: إن ترك عصبة، فالعصبة أحق به وإلا فالولاء. وروى سعيد بن المسيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«المولى أخ في الدين ونعمة يرثه أولى الناس بالمعتق».
مسألة: قال: «ولو ترك ثلاثة بنين، اثنان لأم، فهلك الذي لأم وترك مالا».
الفصل
جملة هذا أن الولاء للكبير، وهكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صور الشافعي فيما قضى به عثمان رضي الله عنه وإن كان في غيره أقرب وهي في رجل أعتق عبيدًا استحق ولاءهم ثم مات المعتق عن ماله وولاء مواليه، وخلف ثلاثة بنين اثنان منهم لأم واحد من أم أخرى فورثوا ماله وولاء مواليه أثلاثًا بالسوية ثم مات أحد اللذين من أم وخلف أخاه لأبيه وأمه وأخاه لأبيه وأخاه لأبيه ثم مات الأخ من الأبوين وخلف ابنين وأخاه لأبيه فورث ماله ابناه دون أخيه وتنازعوا في ولاء المولى، فقال الأخ: بولائهم منكما لأني ابن مولى، وأنتما ابنا ابن مولى، وقال ابنا الابن: لك ثلث ولائه ولنا ثلثاه حق أبينا بميراثه عن أبيه وأخيه [١١/ ب] فقد اختلف في استحقاق الولاء هل يكون معتبرًا بموت العبد المعتق فيستحقه الكبير من عصابات المولى، أم يكون معتبرًا بموت المولى المعتق، فيكون مشتركًا بين القريب والبعيد، فمذهب عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وابن عمر وأسامة بن زيد وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم والحسن وابن سيرين وعطاء والزهري والشعبي والشافعي وأبي حنيفة وداود رحمهم الله: أن الولاء يستحقه الكبير اعتباراً بموت العبد المعتق، فيكون ولاء من مات منهم لابن المولى دون ابن أبيه، وتفسير الكبير بالدرجة لا بالسن، فمن كان أقرب إلى المعتق، فهو الأكبر ولو كان أصغر سنًا.
ولو قال الشافعي: إذا مات أحد أبني المعتق عن ابن وأخ، فالأخ الذي هو ابن المعتق أولى بالولاء لا أن يكفيه في تفسير قوله: الولاء للكبير. ولكنه صور فيما ذكرنا لما بينا أن الواقعة كانت هكذا في زمان عثمان رضي الله عنه، وذلك فيما روى عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أن العامر بن هشام هلك وترك ثلاثة بنين، اثنان لأم وواحد من أم أخرى، فهلك أحد اللذين لأم وترك