مالاً وموالي فورثه أخوه لأبيه وأمه وورث ماله وولاءه إليه ثم هلك الذي ورث المال والموالي وترك ابنه وأخاه لأبيه، فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أرحز فقد أحرزت المال وولاء الموالي. وقال أخوه ليس كذلك إنما أحرزت المال فأما ولاء الموالي فلا: أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أنا أرثه فاختصما إلى عثمان رضي الله عنه فقضى لأخيه [١٢/ أ] بولاء المولى، وحكى عن ابن مسعود في رواية وشريح أن ولاء من مات منهم موروث يستحقه القريب والبعيد له اعتبارًا بموت المعتق، فيكون لابن المولى في هذه المسألة ثلث ولأبيه وابني ابنه ثلثاه.
ودليلنا ما روى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولا يتصدق به»، يعني لا يورث ميراث المال ولكن الكبير أقرب، فكان بالميراث أحق كالنسب ولأنه لما كان الميراث بالنسب معتبرًا بموت الموروث كان كذلك في الميراث بالولاء، وعلى هذا لو خلف رجل ثلاثة بنين فمات واحد منهم وخلف ابنًا ومات الآخر، وخلف ابنين ومات الآخر، وخلف ثلاثة بنين، وظهر لجدهم المتوفى مولى فإن ولاءه بينهم على ستة لكل واحد منهم سهم، ولو ظهر له مال لكان المال بينهم أثلاثًا للابن الواحد الثلث وللابنين الثلث وللثلاثة الثل. والفرق بينهما أنهم يأخذون الولاء عن الجد لا عن آبائهم والمال يأخذونه عن آبائهم لا عن الجد فورث كل واحد منهم مقدار ما مات عنه أبوه وهو الثلث، وعلى قوله من جعل الولاء موروثا يعطيهم سهام آبائهم فيجعل الثلث لابن الابن والثلث لابني الابن الآخر والثلث لثلاثة بني الابن الآخر وتصح من ثمانية عشر سهمًا، وعلى هذا لو اشترك أب وابن في إعتاق عبد ثم مات الأب وخلف ابنًا آخر ومات المعتق كان لابن المعتق ثلاثة أرباع ولاءه النصف منه بمباشرة عتقه والربع بميراثه عن أبيه والابن الذي ليس بمعتق ربع ولاية بميراثه عن أبيه [١٢/ ب].
فلو مات ابن المعتق وترك ابنًا وأخًا ثم مات العبد المعتق كان لأخيه نصف ولائه وللابن نصف ولائه اعتبارًا بالكبر على قول من جعل الولاء موروثًا جعل للأخ ربع ولائه وللابن ثلاثة أربع ولائه، وعلى هذا لو أعتقت امرأة عبدًا وماتت وخلفت ابنًا وأخًا ثم مات العبد كان ولاءه لخاله دون عمه لأن الخال أخو المعتقة والعم أجنبي عنها وهذا قول من جعله الولاء للكبر وعلى قول من جعل موروثًا يجعل الولاء لعم الابن، وإن كان أجنبيًا من المعتقة دون الخال وإن كان أخًا لانتقال ماله إلى عمه دون خاله.
ثم قال الشافعي والإخوة من الأب والأم أولى من الإخوة للأب، وقد ذكرنا ذلك ولا خلاف فيه بخلاف صلاة الجنازة وولاية النكاح في أحد القولين لأن للنساء مدخلا في الولاء إذا أعتقن، أو أعتق من اعتقن فكان اجتماع قرابة الأم مع قرابة الأب فيه يوجب الترجيح على التفرد بقرابة الأب بخلاف ذلك.