للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع

لو خلف أخًا لأمٍ وعمًا وابن عم كان الولاء للعم وابن العم ولا ولاء للأخ من الأم لأنه ليس بعصبة وابن العم عصبة، ولو خلف ابني عم، أحدهما أخ لأم. قال القاضي أبو حامد في الجامع كان ابن العم الذي هو أخ للأم أولى نص عليه الشافعي، قال أصحابنا: هذا صحيح بخلاف النسب، فغن هناك أخذ الأخ للأم شيئا ثم الباقي بينهما لأنه استحق هناك فرضًا بالإخوة، فلم يترجح بها وههنا يأخذ فرضًا بها فترجح بها.

واعلم أن الولاء يستحق بشيئين أحدهما بأن يعتق [١٣/ أ] مملوكًا ويعتق ذلك المملوك مملوكًا آخر فيثبت له الولاء على ذلك، ويستوي فيه الرجال والنساء والثاني بأن يكون عصبة للمعتق والتعصيب لا يثبت إلا للرجال ولا تعصيب للنساء فلا يستحقن الولاء عن المعتق، فإن قيل: إذا خلف المعتق ابنًا وابنة فقد عصب الابن أخته فيجب أن يستحقا الولاء قلنا: الولاء بمنزلة النسب المتراخي، والأخ لا يعصب أخته في النسب المتراخي بدليل أن ابن الأخ لا يعصب أخته وابن العم لا يعصب أخته وعلى ما ذكرنا لو اشترت البنت أباها ثم مات الأب، فالمال كله لها نصفه بالنسب ونصفه بالولاء، ولو كان هناك ابن وابنة فاشتريا أباهما ثم مات كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين بالنسب ولا حكم للولاء مع النسب، ولو أعتق هذا الأب عبدًا ثم مات الأب ثم مات العبد كان ولاء العبد للابن دون البنت لأنه عصبة مولاه، فكان مقدما على مولاه فولاه. وأما جره الولاء فقد شرحناه في كتاب الفرائض. ونشير ههنا إلى بعض المسائل.

وجملته أن جر الولاء ثابت عندنا خلافًا للزهري ومجاهد وهو رواية شاذة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه واحتجوا بأن الولاء كالنسب والنسب إذا ثبت في جهة لم ينتقل كذلك الولاء ودليلنا أن النسب معتبر بالآباء دون الأمهات كذلك الولاء، وإنما اعتبر ههنا بالأم للضرورة من جهة الأب إذا ارتفعت الضرورة انتقل كولد الملاعنة إذا اعترف به أبوه عاد إلى نسبه. وروي هشام بن عروة عن أبيه، [١٣/ ب] قال: مر الزبير بموال لرافع بن خديج، فأعجبوه، فقال: لمن هؤلاء، فقالوا: هؤلاء موالي لرافع بن خديج وأبوهم عبدًا لفلان، فاشترى الزبير أباهم، فأعتقه، ثم قال: أنتم موالي فاختصم الزبير ورافع إلى عثمان رضي الله عنهم، فقضى عثمان للزبير، فقال: هشام، فلما كان معاوية خاصمونا فقضى لنا معاويه. وقد ذكرنا أنه إذا أعتق الجد هل يجر الولاء فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يجر أيضًا إلى معتق نفسه وبه قال شريح ومالك والشعبي، والثاني: لا يجر أصلا وبه قال أبو حنيفة، والثالث: إن كان الأب حيًا لا يجر، وإن كان ميتًا جره لأن الجر بموت الأ ب يستقر ومع بقائه لا يستقر، فإذا قلنا: يجر فلو جر معتق الجد ولاءه ثم أعتق العبد بعده ف قد ذكرنا أن معتق الأب يجر من معتق الجد وهو الصحيح لأن الولادة فيه مباشرة وفي الحد بعبده وفيه وجه آخر لا يجر لاستقراره في نسب الأبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>