إذا كره ذلك ولكن يؤجره وينفق عليه إن شاء، ويمنعه الإمام أن يجعل على أمته خراجًا إلا أن يكون في عمل واجب، وكذلك العبد إذا لم يطق الكسب، فمن أصحابنا من قال فيه قولان، أحدهما: لا يخارجه إلا برضاه وإن كان ذا صنعة، والثني: إذا كان مطيقًا للكسب وكان ذات صنعة فله أن يخارجه وإن لم يض، وقيل له ذلك قولاً واحدًا، ذكره القاضي الطبري.
مسألة: قال: «وما جاز بين المسلمين في البيع والإجارة جاز في الكتابة».
الفصل
أراد به أن كل ما جاز أن يكون عوضًا في البيع جاز أن يكون عوضًا في الكتابة وما لا يجوز أن يكون عوضًا كالخمر والخنزير لا يجوز أن يكون عوضًا في الكتابة، ولا يريد به أن كل ما يجوز في عقد البيع يجوز في عقد الكتابة، وإن شرط خيار الثلاث يثبت في عقد البيع دون الكتابة وكذلك الخيار المجلس وقد مضى شرحه، وقيل: قصد بهذا اللفظ الرد على أبي حنيفة حيث قال: لو كاتبه على عبد مطلق غير موصوف جاز كما قال في النكاح والخلع، ويدفع إليه عبدًا سيدًا بين الأبيض والأسود، وعندنا لا يجوز ذلك كما لا يجوز في البيع والإجارة، وقال أحمد مثل ما قال أبو حنيفة، ودليلنا أن كل ما لا يجوز ان يكون عوضًا في البيع [٤٦/ ب] والإجارة لا يجوز أن يكون عوضًا في الكتابة كالثوب المطلق.
مسألة: قال: «ولا يجوز على أقل من نجمين».
عندنا الكتابة الحالة باطلة، ولا تجوز على أقل من نجمين، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة ومالك تجوز حالة وعلى نجم واحد، لأنه عقد على عين فجاز على عوض حال كالبيع، ودليلنا ما روى علي رضي الله عنه أنه قال: الكتابة على نجمين والإيتاء من الثاني. وهذا يقتضي أقل ما تجوز عليه الكتابة، لأنها تجوز في أكثر من نجمين. وروى ابن أبي هريرة: في تعليقه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الكتابة على نجمين» وهذا نص إن صح وأيضًا فالصحابة رضي الله عنهم كاتبوا على نجوم مختلفة على ما ذكرنا، ولم يكاتب أحد منهم على أقل من نجمين، فلو كان يجوز ذلك لأشبه أن يكون قد فعل ذلك كما فعل على نجمين وأكثر، وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال لعبده: والله لا عاقبتك ولا كاتبتك إلا على نجمين، وقال الماسرجسي: رأيت أبا إسحاق المروزي في مجلس النظر نصر هذا الدليل نصرة حسنة، وقال: كانت الصحابة يتسارعون إلى القربة والطاعة خصوصًا إذا كان فيه تعجيل مال حلال فلو كانت الكتابة جائزة على لحم لفعلوا. وروي أن عثمان رضي الله عنه قال لعبده حين سأل الكتابة: أكاتبك على مائة ألف درهم على أن تعدها في عدتين، والله لا أغصبك منها درهمًا على ما ذكرنا، فقال