للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل واحد منا أدى القدر الذي عليه، فالظاهر مع هؤلاء الذين يقولون: أدينا على القيمة، فالقول قولهم.

مسألة: قال: «ولو أدى أحدهم عن غيره [٥٦/ أ] كان له الرجوع».

الفصل

جملة هذا أنه إذا أدى مكاتب عن مكاتب فلا يخلو، إما أن يكونا مكاتبي رجل أو مكاتبي رجلين، فإن كانا لرجل واحد لم يخل إما أن يؤدي عنه قبل العتق أو بعده، فإن كان قبل العتق، فإن كان ذلك بغير علم السيد لم يصح الأداء لأنه إن فعل ذلك بغير إذن المؤدى عنه فهو هبة وإن كان فعله بإذنه، فهو قرض، والمكاتب لا يملك هبة المال ولا الإقراض بغير إذن السيد، وإن أدى بعلم السيد فعلمه يجري مجرى إذنه ففيه قولان، كما لو ذهب شيئا بإذن سيده إذا أقرضه بإذنه، فإن قلنا: لا يصح، قال الشافعي كان له الرجوع وأراد به أن له أن يرجع على السيد بذلك فيسترجع. قال أبو إسحاق: ولو سأل السيد أن يحتسب له من نجومه كان عليه أن يفعله ثم يطالب السيد المؤدي عنه، وإن لم يسأل السيد ذلك، ولكن عليه النجم احتسب السيد منه.

وإن لم يسترجع ذلك حتى أدى ما عليه وعتق فهل له أن يسترجع؟ ظاهر كلام الشافعي أنه لا يسترجع لأنه لم تصح هبته وإقراضه لنقصانه، فلما عتق وصار حرًا كاملاً صح ذلك منه، وقال أبو إسحاق: العلة فيه أنه إذا عتق وهو كاف عن المطالبة فقد صح الأداء ن من أدى عنه من الآن، وكانت الاستدامة في ذلك بمنزلة ابتداء الأداء، ومن أصحابنا من قال: له الاسترجاع أيضا لأن ذلك وقع فاسدًا في الأًل فلا يصح بعد ذلك. وقال القفال: فيه وجان، أصلهما: أن تصرف المحجور عليه لحق الغير [٥٦/ ب] باطل أو موقوف كتصرف المفلس حتى إذا أطلق الحجر ينفذ؟ فيه قولان. وقيل: نص الشافعي ههنا أنه لا يسترجع ونص إذا عفا المكاتب سيده عن أرش الجناية عليه لا يصح وله الرجوع عليه وإن عتق نفذ، ولا فرق بينهما على قولين، فإذا قلنا: بالأول ينظر فيه، فإن كان أدى عنهم على أن يرجع عليهم كان له الرجوع بما أدى عنهم، فإن كانوا قد عتقوا طالبهم كما يطالب الأحرار بما عليهم من الديون، وإن كانوا لم يعتقوا، فهو بمنزلة الدين الذي يجب على المكاتب، فيقال له: إن عليك دينًا كهذا ونجوم الكتابة للسيد فإن أمكنك أداءهما جميعًا، فأد كليهما، وإن لم يمكنك ذلك، فالدين مقدم على النجوم لأن الدين لازم والكتابة ليست بلازمة، ويمكن السيد الرجوع إلى رقبته من حقه بخلاف صاحب الدين، فيقال للسيد: إن رضيت أن تصبر حتى يقضي الدين ثم يكتسب لك، وإلا عجزناه لصاحب الدين، فإذا عجز دفع إلى من أدى عنه ما وجد في يده ثم يباع من رقبته بقدر ما بقي، هكذا ذكره القاضي الطبري وربما أراد به إذا كان الدين دين الجناية ولا يحتمل غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>