وإن كان الأداء عنهم بعد عتقه فالأداء يصح لأنه حر يصح منه قضاء دين الغير، ثم ينظر فإن كان أدى بغير إذنه لم يرجع وإن كان بإذنه، فالحكم على ما ذكرنا.
وإن كان المكاتبان رجلين فأدى أحدهما عن الآخر فإن كان ذلك بعد العتق صح الأداء والحكم فيه على ما مضى، وإن كان قبل العتق لم يصح سواء كان بإذن المكاتب الآخر، أو بغير إذنه لأنه يكون هبة وقرضًا [٥٧/ أ] إلا بإذن السيد، فلم يصح، ولا فرق بين أن يكون بعلم السيد أو بغير علمه، ويفارق هذا إذا كانا لواحدٍ لأن المال إذا حصل في يد السيد وعلم به قام ذلك مقام إذنه وههنا يحصل المال في يد غير السيد فيكون هبة وقرضًا بغير إذنه، وإن كان ذلك الأداء بإذن سيده ففيه قولان، وقال القفال: إن أدى بإذن السيد والمؤدى عنه فجائز لأن إقراضه بإذن السيد جائز قولاً واحدًا، وإن كان بإذن السيد لا بإذن المؤدى عنه، ففيه قولان، لأنه هبة بإذن السيد، وهذا أحسن، ولكن ما تقدم أصح عندي، وقال في «الحاوي»: الصورة الأولى إذا أدى أحدهم عن صاحبه بإذنه ليرجع به كالقرض، وجوزنا لم يخل حال المؤدي، والمؤدى عنه من أربعة أحوال، أحدها: أن يعجزا فيرقا فلا رجوع للمؤدي بما أدى لا على سيده، ولا على المؤدى عنه لأنه لا يثبت للسيد على عبده مال، ولا لعبده على سيده، والثانية: أ، يؤديا فيعتقا فللمؤدي أن يرجع على المؤدى عنه بعد عتقه بما أداه. والثالثة: أن يعتق المؤدى عنه ويبقى المؤدي على الرق، فينظر في عتق المؤدى عنه فغن كان بغير ما اقترضه المؤدي نفذ عتقه، وكان المال المؤدى عنه دينًا للسيد عليه وإن كان عتقه بما اقترضه المؤدي فيه وجهان خرجهما صاحب «الإفصاح» أحدهما: أن عتق المؤدى عنه قد نفذ ورق المؤدي قد استقر ويكون الأداء دينًا للسيد يرجع به على المعتق اعتبارًا بحكم الأداء والعجز، والثاني:[٥٧/ ب] لا يعتق المؤدى عنه بذلك ويحتسب به للمؤدي فإن كان بقدر الباقي عليه من كتابته عتق به وأعيد المؤدى عنه إلى رقه وإن كان أهلاً أعيدا معًا إلى الرق اعتبارًا بحال الكسب، والرابعة: أن يعتق المؤدى عنه وهو على رقه فللمؤدى عنه ثلاثة أحوال، أحدها: أن يكون في يده ما يفي بمال الكتابة وبدل ما اقترض فيؤديهما ويتحرر، والثاني: أن يعجز عن باقي الكتابة وعن القرض جميعًا فللسيد أن يعيده إلى رقه ويكون قرض المؤدي في ذمة العبد إذا عتق وأيسر رجع به عليه، والثالثة: أن يكون في يده ما يصرف في أحدهما: إما في عتقه أو في قريضه فيقال للمؤدي انتظره بقرضك حتى يؤدي ما بيده في قرضه فإن أجاب فعل ذلك وإن امتنع قيل للسيد: انتظره بنفسه حتى يؤدي ما بيده في قرضه فإن أجاب فعل ذلك، وإن امتنع وتنازعا فالمؤدي للقرض أولى به على ما ذكرنا وهذا ترتيب حسن.
مسألة: قال: «لا يجوز أن يتحمل بعضهم عن بعض».
يعني إذا كاتب ثلاثة أعبد على ما ذكرنا لا يصير بعضهم ضامنًا عن بعض خلافًا