لمالك وأبي حنيفة، فانفرد مالك بأن قال: إذا قعد بعض العبيد عن الاكتساب والأداء كان للثاني: إجباره على ذلك وإلزامه للاكتساب والأداء وقال أيضا: إذا أعتق السيد واحدا منهم نظر فإن أعتق من لا كسب له جاز لأنه لا يضر على الباقين وإن أعتق من له كسب لم يجز لأن على الباقين ضررًا فيه وهذا غلط لأنها معاوضة مطلقة، فلم يلزم كل واحد منهم إلا قدر ما يخصه من العوض كما في البيع، ولو شرط عليهم في العقد [٥٨/ أي أن كل واحد منهم ضامن عن الباقين كانت الكتابة فاسدة خلافًا لمالك وأبي حنيفة، وهذا ليس بلازم ولا إلى اللزوم، فلا يصح ضمانه وأيضًا لا يجوز لضمان من المكاتب لأنه لا يصح أن يضمن عن حر ولا عن مكاتب ليس معه في عقد كتابته، فلا يصح هذا الضمان أيضًا، ثم قال الشافعي رضي الله عنه ولا يجوز أن يتحمل مال عن نفسه، أي وقت شاء ولو شرط ذلك في عقد الكتابة فسد لأن الكتابة تفسد إذا شرط فيهها شرط فاسد، قال أبو إسحاق: وكذلك لو كاتب عبده على أن يضمن عنه رجل بعينه حر كانت الكتابة فاسدة.
مسألة: قال: «ولو كاتب عبدًا كتابة فاسدة».
الفصل
اعلم أن العتق المعلق بالصفات على ثلاثة أضرب عتق معلق بصفة محضة لا مدخل للغوض فيها، كقوله: إن دخلت الدار فأنت حر، وإن كلمت زيدًا فأنت حر ونحو ذلك. وفي هذا المعنى إذا قال: إن أعطيتني فأنت حر فإن هذا وإن دخله عوض إلا أن المغلب فيه حكم الصفة فلهذه الصفة ستة أحكام، أحدها: أن تقع لازمة لا سبيل للعبد ولا للسيد إلى فسخها بحال ولا أن يتفقا على فسخها لأنها عقدت وعلق بها العتق، وهو حق الله تعالى فلزمت.
والثاني: أن السيد لو أبرأه عن المال الذي علق عتقه به لم يعتق لأنه علق بأداء المال، وفي الإبراء لم يوجد المال.
والثالث:[٥٨/ ب] إذا مات السيد بطلت الصفة لأن إطلاق الصفات يقتضي وجودها في حال الحياة.
والرابع: إن كسب العبد قبل أداء المال يكون لسيده لأنه باق على ملكه، ولم يوجد ما يقطع تصرفه.
والخامس: أنه إذا أدى المال عتق لوجود الصفة وما في يده من فضل الكسب لسيده كما أن فضل الكسب كان لسيده.
والسادس: لا يثبت بين سيده وبينه تراجع لأنه لم يثبت جهته يثبت بينهما التراجع.