إن جئت بمال آخر وإلا عجزت لأنه إنما كاتبه على شيء يسلم له أو يمكنه التصرف فيه ولا يحمك بهذه البينة لمن أقام له البينة أنه مغصوب منه لأن ذلك لا يدعيه، وإن لم يكن معه بينة يحلف المكاتب، فإن لم يحلف ردت اليمين على السيد فيحلف [٦٨/ أ] ويحكم بأنه مغصوب أو حرام، ولا يجبر على أخذه، وإذا حلف المكاتب يقال لسيده: هذا مال محكوم له به فإما أن تقبضه منه أوتبرئه، فإن أبرأه سقط اليمين عنه وعتق، وإن لم يفعل يقبضه الحاكم وعتق المكاتب، ولو أخذه هو عتق المكاتب ثم ينظر فإن قال السيد: هو حرام، ولم يعين صاحبه يقال له: أمسكه في يدك إلى أن يتبين صاحبه ويمنع من التصرف فيه، وإن قال: هو مغصوب من فلان يلزمه تسليمه إليه، قال: القفال وشهادة السيد أنه مغصوب لفلان لا يقبل بعدما عرض عليه وأن تقبل شهادته ابتداء على مكاتبة بأنه غصب من فلان كذا، فإن قيل: أليس قال الشافعي في كتاب «التفليس» لو اختلف البائع والمفلس، فقال البائع: اخترت عين مالي قبل الإبار والثمرة لي، فقال المفلس: بل بعد الإبار فالثمرة للغرماء فصدق بعض الغرماء البائع في دعواه كان القول قول المفلس ويأخذ الثمرة من لم يصدق البائع دون من صدق، فما الفرق بين الموضعين؟، قلنا: قال أبو إسحاق: إنما أراد الشافعي إذا اختار المفلس ذلك لأن له أن يعين قضاء الدين من أي المال شاء، فأما إذا أراد أن يعطي من كذبه أجبر عليه، وقيل: فيهما قولان، والصحيح الفرق وهو أن ههنا إذا لم يجبر السيد على أخذه كان له مطالبته بمال آخر ثم يمكنه أن يقول في كل مال نحمله إليه مثل ذلك حتى يؤدي إلى عجزه ورقه، فأجبرناه عليه وليس [٦٨/ ب] كذلك الغرماء، فإنهم إذا لم يجبروا على أخذ ما صدقوا البائع عليه لم يكن لهم مطالبة أخرى بمال آخر فلا يؤدي إلى الإضرار بأخذ فافترقا.
فرع
قال في «الأم»: ولا يجبر السيد إلا على أحد ما كاتبه عليه فغن كاتبه على دنانير لم يجبر على أخذ الدراهم وكذلك إن كاتبه على دراهم لم يجبر على أخذ الدنانير بدلها وإن كاتب على سلعة لم يجبر على أخذ قيمتها.
فرع آخر
قال: وإن جاءه بأجود من ذهبه أو ورقه أو سلعته كان عليه أخذه، بعد أن يجمع ذلك صفة واحدة ويؤيده جودة ولو أعطاه مكان عجوة من التمر صبحًا نيئًا لم يكن عليه أخذه وإن كان خيرًا من العجوة، فإن كاتبه على دنانير حدد جياد من ضرب سنة كذا فأدى إليه من ضرب غير تلك السنة كان عليه أخذه وإن كان الذي كاتبه عليها ينفق في بلد ولا ينفق بالذي أعطاه بذلك البلد لم يجبر على أخذه وإن كان خيرًا.