لو كان السيد غائبًا فجاء بالنجم إلى الحاكم يوم المحل يقبله منه ليعتق، ولا يقبل قبل المحل إلا أن يعرف أنه لا ضرر من السيد في أخذه نص عليه، ولو كان على حر دين لرجل غائب، فأتى به الحاكم، فهل يقبله على الغائب؟ فيه وجهان، أحدهما: يقبله، والثاني: لا يقبله لأنه ليس للمؤدى فيه غرض إلا سقوط الدين عنه، والنظر للغائب ترك المال في ذمة الملي وربما يتلف في يد الحاكم أمانة بلا ضمان، ويفارق مال الكتابة لأنه يتعلق به العتق بخلاف ذلك.
مسألة: قال: «وليس له أن يتزوج [٦٩/ أ] إلا بإذن سيده».
اعلم أنه إذا تزوج المكاتب فإن كان من غير إذن سيده لا يجوز، فإن تزوج كان باطلاً كالعبد، وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«أيما عبد نكح بغير إذن سيده فنكاحه باطل» والمكاتب عبد.
ولأن في يده إتلاف ما في يده بالمهر والنفقة، ولا يجوز للمكاتب وإن أذن له السيد جاز قولاً واحدًا لا يختلف أصحابنا فيه لأن المكاتب أحسن حالا من العبد ولو أنه أذن للعبد في النكاح جاز، فالمكاتب أولى ولأن المكاتب حاجة إلى النكاح ليحصن فرجه ويحصل له الاستمتاع الذي جبل عليه الآدمي فلو منعناه بإذنه أضررنا به وبهذا يخالف العتق والهبة لا يجوزان من المكاتب مع الأذن في أحد القولين لأنه لا حاجة بالمكاتب إليهما، وأيضًا، فالهبة والعتق استهلاك مال عاجل والنكاح قد يفضي إلى الاستهلاك وقد لا يفضي، ومن أصحابنا من قال في نكاحه بإذن السيد قولان كما في تبرعاته لأنه إخراج مال لا بإزاء مال ذكره القفال، وهذا غير صحيح لما ذكرنا من الفرق، وقال ابن أبي ليلى أن شرط السيد على مكاتبه أن لا يتزوج إلا بأمره وجب أن يستأمره وإن لم يشترط جاز أن يتزوج بغير أمره وهذا غلط لما ذكرنا.
فرع
قال في «الأم»: وإن تزوج بإذن سيده لزمته نفقة زوجته وإن كان له ولد صغير أو كبير زمن محتاج لم تلزمه نفقته وأولاده من المنكوحة حكمهم حكم أمهم، فإن كانت أمهم حرة فهم أحرار، [٦٩/ ب] وإن كانت مملوكة فهم مماليك لسيد أمهم وإن كانت مكاتبة لغير سيده، فليس للأب سبيل عليهم وكانوا مرقوقين على حكم أمهم، أو أرقاء لسيدها على أحد القولين، وإن كانت مكاتبة لسيده كانت معه في الكتابة، أو لم يكن فسواء فالأولاد مرقوقون على حكم أمهم أو أرقاء على ما ذكرنا.
مسألة: قال: «ولا يشتري بحال».
للمكاتب أن يشتري الإماء للفائدة والربح، ولكن لا يجوز أن يطأ أمةً بغير إذن سيده