إذا كاتب بعض العبد لا يخلو أن يكون باقيه حرًا أو مملوكًا له، أو مملوكًا للغير فإن كان باقيه حرًا صحت الكتابة لأنه يتوفر عليه جميع مقاصد الكتابة ويعطى من سهم الرقاب، وإن كان الباقي مملوكًا له نص على أنه لا يجوز لأنه يملك به كمال الكسب والتصرف فإن له منعه من السفر والغيبة ولا يجوز له أن يأخذ سهم الرقاب لأن السيد يأخذ نصفه لحق الملك وذلك لا يجوز، فصار كما لو كاتب عبدًا بشرط أن لا يسافر ولا يأخذ من الصدقة لا يجوز، وقال بعض أصحابنا: فيه قول مخرج أنه يجوز لأن الشافعي، قال في العبد المشترك: إذا كاتبه أحدهما بإذن شريكه فيه قولان، لأنه شريكه، وهو قد رضي، ومن قال بالأول فرق بأنه أمكنه هناك أن يكاتب كله ليكون العقد مصونًا عما ذكر وأحد الشريكين لا يمكنه أن يكاتب أكثر من نصيبه، فإذا قلنا: لا يجوز فأدى ما سمى عتق بالصفة والنصف الثاني يعتق بالسراية، ويتراجعان بنصف القيمة، وهو أن يؤدي العبد إلى سيده نصف قيمته ويسترد ما أعطاه وإنما قومنا عليه الباقي لأن نصفه عتق بسبب كان منه، ولا يجب على العبد قيمة نصف الذي سوى العتق إليه كما لو قال:[٨١/ ب] إن دخلت الدار فنصفك حر، فدخل عتق نصفه وسري إلى باقيه، ولا يقوم على العبد النصف الباقي، وقال ابن سُريج هذا إذا أدى ما سمي بعد أداء حق سيده من كسبه، فإن أدى قبل أداء حق سيده منه، ففيه وجها، أحدهما: لا يعتق كما في الكتابة الصحيحة لاستحقاقه لبعضه بحكم الملك فلم يكمل به الأداء، والثاني: يعتق لأن في الفاسد يغلب حكم العتق بالصفة، وقد وجدت الصفة وإن لم يملك كما لو قال: إن أعطيتني هذا الثوب فأنت حر فأعطاه وكان مغصوبًا عتق.
ومن أصحابنا من قال فيا يرجع به السيد على مكاتبه وجهان، أحدهما: ما ذكرنا، والثاني: يرجع بجميع قيمته لوقوع عتقه عن كتابة فاسدة ذكره في «الحاوي» وإذا قلنا: بالقول المخرج فإن هايأه السيد فكان يكسب يومًا ويخدم يومًا للسيد فأدى النجوم من نصيبه عتق النصف بالكتابة والنصف بالسراية، وإن لم يكن مهيأة بل اكتسب لنفسه كل يوم ووفر على السيد ضعف نجومه عتق أيضًا كما ذكرنا نصفه بالكتابة ونصفه بالسراية وإن لم يدفع إلا مقدار النجوم، فهل يعتق أم لا؟ فيه وجهان على ما ذكرنا.
وهو مخير يجوز أن يهايئه ويجوز أن لا يهايئه بلا خلاف.
وإن كان الباقي مملوكًا لغيره فإن كاتبه بغير إذن شريكه لا يجوز وبه قال مالك وأبو حنيفة وجماعة، وقال الحكم وعبيد الله العنبري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأحمد: يجوز وهذا لا يصح لأنه إذا كان باقيه مملوكصا فالسيد لا يكنه من الاكتساب والسفر لا يدفع إليه شيء [٨٢/ أ] من الصدقات، فلا يحصل له الأداء الذي هو المقصود لحصول العتق، وحكم الكتابة أن يكون عقدًا لا يكون المكاتب فيه ممنوعًا