من جميع وجود الاكتساب، وإن قلنا: لا يمكنه أخذ الصدقات لأن ذلك يؤدي إلى مقاسمة الشريك فتصير نصف الزكاة إلى سيده الذي لم يكاتبه فإذا ثبت أنه لا يجوز فقد اشتملت على معاوضة وصفة وبطلت المعاوضة فتجردت الصفة وللسيد إبطالها فإن أبطالها صار كأنه لم يكاتبه، وإن لم يبطلها حتى أدى مال الكتابة عتق وثبت بينه بين السيد التراجع على ما ذكرنا وسرى العتق إلى نصيب شريكه إن كان موسرًا ويلزمه قيمته، وإن جمع الكسب وأداه إلى السيد الذي كاتبه، فهل يعتق به وجهان على ما ذكرنا، والظاهر أنه لا يعتق لأنه يقتضي إعطاء ما يملكه وينتفع به وذلك لا يحصل بمال شريكه، وقال بعض أصحابنا بخراسان نقل الربيع: أنه لا يعتق ونص في كتاب ابن أبي ليلى: أنه يعتق فحصل قولان، قال: ولذا لو قال لعبده: إن أعطيتني عبدًا، فأنت حر فأعطاه عبدًا مستحقًا فهل يعتق؟ قولان، وهذا غريب، فإن قلنا: لا يعتق، فالسيد الذي لم يكاتبه يرجع على شريكه بنصف الكسب الذي أخذه من العبد فإن الكسب مشترك بينهما.
ثم إن كان مع العبد ما يؤدي إلى شريكه تمام ما عليه من كسبه وثبت بين المكاتب وبين سيده التراجع على ما ذكرنا في القسم قبله ويسري العتق إلى باقي العبد إن كان موسرًا، ويقوم عليه نصيب شريكه ولا يلزم العبد شيء، لأنه [٨٢/ ب] لم يدخل في عقد الكتابة على ضمانه.
وإن كانت الكتابة بإذن شريكه فحصل، تصح الكتابة فيه قولان نقلها المزني، أحدهما يصح، وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه منع من ذلك لحق شريكه، فإذا رضي به بإسقاط حقه وإدخال الضرر على نفسه يصح ونص على هذا في الإملاء على مسائل محمد بن الحسن.
وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: إذنه في ذلك يقتضي أن يؤدي العبد مال الكتابة من جميع كسبه ولا يرجع الإذن بشيء منه وطلب أبو يوسف ومحمد يصير جميعه مكاتبًا لأن التدبير والكتابة يسريان وهذا لا يصح لأنه عقد معاوضة فلا يسري كالبيع، والثاني: نص عليه في «الأم»: أنه لا تصح الكتابة وهو اختيار المزني لما ذكرنا من العلة لأنه لا يكون ممكنًا من جميع وجوه التكسب والتصرف، فإذا قلنا: إنها باطلة فالحكم كما لو كاتبه بغير إذن شريكه سواء، وإذا قلنا: تصح الكتابة فنصف العبد يكون مكاتبًا ونصفه يكون مملوكًا للشريك، ويكون الكسب بينهما والنفقة عليهما، ثم ينظر فإن دفع إلى الشريك الذي لم يكاتب نصف الكسب وجميع النصف الآخر ودفعه إلى السيد الذي كاتبه عتق ولا تراجع لأنه عتق بكتابة صحيحة ولكنه يسري إلى الباقي إن كان موسرًا على ما ذكرنا، وإن جمع الكسب كله وأداه إلى المكاتب فهل يعتق من أصحابنا من قال: فيه وجهان، أو قولان كما ذكرنا في المسألة قبلها، وهذا خطأ بل لا