للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتق قولاً واحدًا والفرق أن الكتابة ها هنا صحيحة والمغلب فيها حكم المعاوضة وفي المعاوضة إذا دفع شيئًا غير مملوك كان بمنزلة ما لم يدفع [٨٢/ أي كما في البيع وفي المسألة قبلها الكتابة فاسدة والمغلب حكم الصفة وقد وجدت الصفة فعتق، وقد ذكرنا أن كسبه مشترك بين المكاتب وبين الشريك، فإن لم يكن مهيأة لا يجوز أن يأخذ من سهم الصدقات وإن كان بينهما مهايأة يجوز أن يأخذ من سهم الصدقات للرقاب في أيام نفسه خاصة ذكره في «الحاوي». وقال الصيمري: إذا جوز كتابته هل يأخذ من الزكاة قولان، وهل تجب المهايأة إذا طلب أحدهما قال في «الحاوي»: فيه وجهان، أحدهما: تجب كالقسمة وأصل هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم بين نسائه وهذا مهايأة قد أوجبها لنفسه وعليها، والثاني: لا تلزم لأنها لا تفضي إلى تأخير حق معجل وتعجيل حق مؤخر بخلاف القسمة، وفي قسم الزوجات لا يمكن الجمع بينهن فلا بد من إفراد كل واحدة بحقها فلزمت المهايأة، واحتج المزني على ما اختاره، فقال: زعم الشافعي أنه لو كانت كتابتهما فيه سواءً فعجزه أحدهما وانظره الآخر فسخت الكتابة بعد ثبوتها حتى يجتمعا على الإقامة عليها فالابتداء بذلك أولى.

ثم قال: ولا يخلو إما أن تكون كتابته جائزة كبيعه إياه فلا معنى لإذن شريكه أو لا يجوز فلم نجوزه بإذن من لا يملكه، وهذا اعتراض على القولين وجوابه عن الفصل الأول أن يقال للمزني: هذا جواب على القول الذي لا يجيز الكتابة، فأما على القول الذي يجيز الكتابة فلا تفسخ الكتابة في نصيب من أنظره، وقال القفال: من أصحابنا من سلم هذه المسألة أنه لا يجوز، لأنه بغير إذن الشريك، وإنما تراضيا في الابتداء ليكاتباه معًا، [٨٣/ ب] فإذا اختلفا في التعجيز والإنكار حصل استبقاء الكتابة في النصف بغير إذن الشريك حتى لو قال للذي عجزه: رضيت بأن ينظره صاحبي جاز قولا واحدًا.

وأما الفصل الثاني: إذا باع نصيبه ترك منزلته فلا يحتاج إلى إذن الشريك في بيعه كما لا يحتاج إلى إذنه في استبقاء ملكه، وأما إذا أراد أن يكاتبه، فالكتابة ضرر على شريكه من وجوه شتى بخلاف إعتاق نصفه إذ لا يجد المكاتب بدا من التغلب للتحمل فإذا أذن فقد رضي بالتزام الضرر فجاز، فإذا تقرر هذا ذكر الشافعي في هذا الفصل أن المكاتب لا يمنع من السفر والاكتساب، والمزني نقل هذا من «الأم»، وحكى المزني في «الجامع الكبير» عن الشافعي أنه قال في «الإملاء»، وليس للمكاتب أن يسافر بغير إذن سيده، واختلف أصحابنا في المسألة على طريقين فمنهم من قال: المسألة على اختلاف حالين، فالموضع الذي قال له أن يسافر إذا كان سفرًا قصيرًا لا تقصر فيه الصلاة، فيكون ذلك بمنزلة الحضر، والموضع الذي قال: لا يسافر إذا كان السفر طويلاً لأن فيه تغريرًا، ومن أصحابنا من قال: فيه قولان، أحدهما: لا يجوز له أن

<<  <  ج: ص:  >  >>