للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسافر إلا بإذن السيد وبه قال مالك: لأنه ممنوع من إتلاف ما في يجده فليس له أن يغيب المال عن سيده لأنه لا يؤمن أن يتلفه من حيث لا يقف عليه سيده ولا يمكنه منعه منه ولأن للمرتهن منع الراهن من السفر بالمرهون فالسيد أولى لأن حق السيد فيما في يد [٨٤/ أ] المكاتب أكثر، فإنه قد يعجز أن يموت فيأخذ السيد جيمعه، والثاني: يجوز ذلك ولا يمنعه منه السيد وبه قال أبو حنيفة وأحمد حتى قال أبو حنيفة: لو شرط عليه سيده في الكتابة أن لا يسافر سقط الشرط وكان له أن يسافر ووجه هذا أن المكاتب في يد نفسه، وإنما للسيد عليه دين والدين لا يمنع السفر كالدين على الحر إذا كان مؤجلا، وقال المزني: هذا أقيس على أصله لأنه إذا كان على كتابته فهو مالك لنفسه ولتصرف إلى أن يعجز فليس له أن يمنعه منه لا سيما وفي السفر منفعة تؤدي إلى حريته، قلت: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله أنه قال: مكتوب في التوراة. قال الله تعالى: «أحدث سفرًا أحدث لك رزقًا».

مسألة: قال: «ولا يجوز أن يكاتباه معًا حتى يكونا فيه سواء».

قال أصحابنا لم يرد بهذا أنه لا يجوز أن يكاتباه معًا حتى يكونا في قدر الملك سواءً بل يجوز أن يكاتباه معًا قولا واحدًا سواءًا تساويا في الملك أو تفاضلا لأن كل عقدٍ صح مع التساوي صح في الملك مع التفاضل كالبيع، وإنما أراد به، لا يجوز أن يكاتباه حتى يكونا في اعتبار مال الكتابة بقدر الملك سواء، فلا يجوز أن يكون العبد بينهما نصفين ويكون مال الكتابة بينهما ثلثًا وثلثين، ولا يجوز أن يكون العبد بينهما أثلاثًا، ويكون مال الكتابة بينهما نصفين، وإن رضيا لا يجد بدًا من أن يدفع حق احدهما إلى الثاني لأنه ربما يدفع إلى أحد السيدين مائتين، [٨٤/ ب] وإلى آخر مائة ثم يفسخان الكتابة فيحتاج أن يرجع السيد الذي حصل معه مائة على الآخر بخمسين فيكون قد انتفع شريكه بهذه الخمسين مدة بقائها بغير حق ولا سبيل إلى ذلك، ويفارق هذا إذا باعاه من نفسه أحدهما بأكثر من الآخر جاز لأن ذلك لا يتعلق بالكسب والكتابة تتعلق بالكسب وكذلك إذا أجراه بأجرتين مختلفتين لما ذكرنا من الفرق، وهو أنه لا يفضي إلى أن ينتفع أحدهما بملك شريكه، وههنا يؤدي إلى ذلك واختلف أصحابنا في هذه المسألة هل هي أصل بنفسها أم مبنية على غيرها؟ فمنهم من قال: هي مبنية على أصل، وهو أن أحد الشريكين إذا كاتب بإذن شريكه هل يصح؟ فيه قولان، فإذا قلنا: يصح لم يجز ذلك، وعلى هذا يدل كلام الشافعي، فإنه ذكر هذه المسألة في «الأم»، وذكر أنه لا يجوز ثم قال: ولو أجزت هذا أجزت أن ينفرد بكتابة بحصته فثبت أنا إذا جوزنا ذلك جازت هذه الكتابة، وهذا لأن العقد يتعدد بتعدد العاقد فصار كما لو أفرد كل واحد منهما كتابة نصيبه وهذا اختيار القفال، ومن أصحابنا من قال: هذه المسألة أصل بنفسها ولا تجوز هذه الكتابة بحال مع التفاضل لأن المعنى الذي ذكرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>