للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القن في عامة أحكامه، فكذلك في جواز البيع وهذا خطأ لأن الكتابة عقد يمنع رجوع أرش الجناية عليه إليه فيمنع البيع، وإذا قلنا: يصح يكون مكاتبًا كما كان فإن أدى المال إلى المشتري عتق والولاء للمشتري بخلاف وارث المكاتب إذا قبض النجوم، وصار حرًا يكون الولاء للمورث، لأن الوارث يقوم مقامه وينبني ملكه على ملكه بخلاف المشتري، وإن عجز كان رقيقًا للمشتري، وقال أبو ثور: يجوز بيعه وولاؤه إذا عتق للبائع، وهذا غلط لما ذكرناه ومن أصحابنا من أنكر هذا القول، وذكر أن المسألة على قول واحد إنه لا يجوز وذلك القول مرجوع عنه، وذلك لأنه قد باعه [١٢١/ أ] بالعقد الذي عقد عليه ومنع من المكاتب ومن كسبه، وقد ملك المكاتب ذلك إلى أن يعجز فيعود في الرق، فإذا باع رقبته باع ما لا يملكه، فلا يجوز ذلك ولو كان هو مالكًا لرقبته لكانت منافعه له ولكان له وطئها إذا كانت أمة. قال الشافعي: «فإن قيل: بيعت بريرة» وقصتها قد ذكرنا، ثم أجاب الشافعي، فقال: «لعلها عجزت وهي المساومة بنفسها عائشة رضي الله عنها والمخبرة بالعجز والراضية بالبيع» وشرح أبو إسحاق هذا، فقال: عائشة رضي الله عنها إنما اشترت بريرة بعد العجز لأن عقد الكتابة يلزم السيد ولا يلزم المكاتب وله أن يفسخه، أي وقت شاء، فلما كانت بريرة هي التي سفرت بينها وبين مواليها، وهي المساومة والمطالبة من عائشة أن تشتريها فقد علم أن ذلك رضى منها بفسخ الكتابة، وأنها عجزت نفسها ورغبت في عتق معجل يعينها على التصرف والتكسب للحرية فكان هذا أحظى لها وأعود عليها، ومن أصحابنا من قال: إنها عجزت عن أداء نجمها وشكت إلى عائشة ذلك، فباعها مواليها، فكان لهم تعجيزها وفسخ كتابتها فكان بيعهم فسخًا للكتابة، كما إذا باع البائع المبيع في مدة الخيار كان فسخًا للبيع الأول.

فإذا تقرر هذا فعلى هذا لو باعه قبل العجز، فأعتقه المشتري، قال في «الأم»: كان عتقه باطلا، ولو دفعه النجوم إلى المشتري هل يعتق، فيه قولان على ما ذكرنا في بيع النجوم، ولو باعه قبل أن يرضى بالعجز ثم رضي، قال في «الأم»: كان البيع مفسوخًا حتى يحدث له بيعًا بعد رضاه بالعجز ولو باعه وماله من رجل نزع مال الكتابة من يد المشتري وكان على كتابته، فإن مات المشتري [١٢١/ ب] رجع به المكاتب على لسيده في ماله إن لم يكن حلت عليه الكتابة، فإن كانت حلت عليه أو بعضها كان قصاصًا وإن لم يمت ضمن المكاتب أيهما شاء إن شاء الذي استهلك ماله، وإن شاء سيده. وقال في «الأم»: ولو باعه ولا مال للمكاتب، أو له مال قليل، فأقام في يد المشتري سنين وحل عليه نجمان من نجومه ورد البيع فسأل المكاتب أن ينظر سنين يسعى في نجميه اللذين حلا عليه، ففيها قولان: أحدهما: لا يكون له ذلك كما لو

<<  <  ج: ص:  >  >>