قال الشافعي رضي الله عنه:«وله أن يقبلهم إن أوصى لهم به ويكسبون على أنفسهم».
وجملته: أنه إذا أوصى له بهم فأراد أن يقبل الوصية ينظر فإنه كان ممن يجب عليه نفقته بأن يكون زمنًا، أو شيخًا ضعيفًا كبيرًا، أو طفلًا صغيرًا لم يجز له قبول ذلك لأنه يستضر بوجوب النفقة عليه ولا ينتفع بشيء ولا فرق بين أن يزن ما في يده من ثمنه، وبين أن ينفق عليه منه، وإن كان جلدًا مكتسبًا يقوم كسبه بنفقته فله أن يقبل ذلك بل هو مندوب إلى ذلك لأنه لا يستضر به بل فيه تكسب، لأنه ينتفع بفضل كسبه، وقد قال الشافعي:«يأخذ فضل كسبهم وما أفادوا» يعني: كل مال استفادوه فكالكسب، وإنما يأخذ ذلك لأنه بمله وليس بحر، فإن قيل: يجوز أن يزمن أو يمرض، ولا يكون له كسب، فيكون ضررًا على المكاتب، قلنا: الاعتبار بالحال دون ما يجوز أن يحدث في الثاني من الزمانة والعجز، وقال الصيمري: إذا أوصى له بابنه الزمن ولا كسب له، له أن يقبل في أصح الوجهين لأنه يجوز أن يحدث له اكتساب بغير عمل، وربما يصح فيعمل، وهذا ضعيف لأنه خلاف الظاهر في الحال، وهذا غريب.
فرع آخر
لو قبله وكان له كسب فزمن أو مرض لزمه أن ينفق عليه مما في يده لأنه عبده وملكه، فإن قيل: أليس لا يلزمه أن ينفق على أقاربه؟، قلنا: الفرق أن نف قة الأقارب مواساة بخلاف هذا [١٢٠/ ب].
فرع آخر
لو جنى واحد منهم في يده، قال الشافعي:«وإن جنوا لم يكن له أن يفديهم وبيع منهم بقدر جناياتهم» وهذا لنأن المفاداة بمنزلة الشراء لأنه إخراج مال في مقابلتهم فكما لا يجوز ذلك لا يجوز هذا، فإن كان بإذن سيده يكون قولان أيضًا كما في الشراء وهكذا الحكم إذا وهب له واحد من هؤلاء، فقبل ذلك.
مسألة: قال: «ولا يجوز بيع رقبة المكاتب».
اختلف قول الشافعي رضي الله عنه في بيع رقبة المكاتب، فقال في القديم: يجوز ولا أعرف لمن منع منه وجها، وبه قال عطاء والنخعي وأحمد، وقال في «الجديد»: لا يجوز بيعه، وهو الصحيح، وبه قال مالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه. وقال الزهري وربيعة: إن باع رقبته بإذنه صح البيع وإن باع من غير إذنه لم يصح، وروى الطحاوي هذا عن ابن أبي عمران عن أبي يوسف، واحتج عطاء بخبر بريرة، ولأنه بمنزلة العبد