سريج هذا، فقال: ما تبين لي أن يكون بينهما فرق لأنه لا فرق بين أن يأذن في الدفع أو يلزمه بعقد سيده الدفع، ومن لفظ بالعقد فقد أذن في دفعه، فقلت: هذا يمكن أن يقال لأنه إذا لم ينص على الدفع فالدفع لا يلزمه وإنما دفعه متأولا، وقد كان يمكنه أن يحترز منه بأن لا يسلمه إليه إلا بإذن ينص له السيد عليه، أو يحكم به عليه حاكم، فلا يعتق ويدل على هذا أنه لو أعتقه لم ينفذ عتقه ولم يجعل بمنزلة العتق بإذن السيد وإن كان العقد يتضمن تصرفه بالعتق وغيره، واختار القاضي الطبري طريقة أبي إسحاق.
مسألة: قال: «وليس للمكاتب أن يشتري من يعتق عليه».
الفصل
جملة هذا: أن المكاتب إذا اشترى [١١٩/ ب] من يعتق عليه بحكم القرابة كالآباء والأمهات وغيرهم، فإن كان بغير إذن سيده لا يصح الشراء قولا واحدًا. وقال أبو حنيفة وأحد: يصح الشراء، وقال أبو حنيفة: القياس أن له أن يتصرف بعد الشراء ولكني أمنعه من ذلك استحسانًا، وهذا لا يصح لأنه استهلاك وإتلاف إذ يخرج من يده ويجوز له التصرف فيه وأداء نجومه منه ويأخذ عوض ذلك مالا يمكنه التصرف فيه، وذلك ضرب من إتلاف المال، وإن كان بإذن سيده. قال عامة أصحابنا: فيه قولان كالتبرعات بإذن سيده، وقال أبو إسحاق: يصح ذلك قولا واحدًا، والفرق بينه وبين التبرعات في أحد القولين، إن التبرعات لا تحصل له عوض بوجه فهي إتلاف محض فلا يصح العوض، وهو أن هذا العبد يصير ملكه ويكتسب فيستعين بكسبه وربما يخفي عليه، فيأخذ هو أرش الجناية ويؤدي ذلك ويعتق هو معه فتحصل له المنفعة بذلك، فجاز والطريقة الأولى أصح لأن هذا العوض غير مقصود ولا متحقق، ولو كان كما قال أبو إسحاق لجاز أن يشتريه بغير إذن السيد وليس هذا بأكثر من الهبة بشرط الثواب وقد نص الشافعي أنه لا يجوز ذلك على القول الذي يقول لا يجوز هبته بإذن السيد. وحكي أن أبا إسحاق، قال: وينبغي أن يكون على قول له شراؤه بالإذن لأنهما لو اجتمعا على إتلاف المال جاز فجعله أبو إسحاق بمنزلة الإتلاف فيكون مع الإذن كالهبة فلا فرق على هذا بين ما قال أبو إسحاق وبين ما قال غيره.
فرع
إذا قلنا: يصح الشراء لم يكن له بيعه وكان موقوفًا على كتابته، فيقف عليه بحكم الملك دون النسب، ولأنه [١٢٠/ أ] لا يجوز أن يملك ثمن والد، وحكي عن ابن أبي هريرة أنه قال: يجوز بيعه لأنه يملكه وللسيد فيه حق، وهذا يلزم إذا استولد أمته، فإن [ابنه ملكه ولا يجوز له بيعه].