أسقط ذلك عن نفسه، وقال أبو إسحاق: أومأ الشافعي في «القديم» إلى جوازه أيضًا ولكنه فاسد لا وجه له، وقيل: قال في «القديم» في بيع المكاتب، هل يجوز قولان، فإذا قلنا: يجوز، يجوز بيع رقبته أيضًا، وهذا البناء لا يصح لأن الغرر في المال الذي في الذمة أكثر منه في الرقبة فلا يصح بناء إحدى المسألتين على الأخرى [١١٨/ ب].
وقيل: قال في بيع الديون وهبتها قولان أخرجهما ابن سريج، فههنا كذلك وهذا خطأ أيضًا لأن ذلك في الدين المستقر اللازم. والصحيح أن المسألة على قول واحد أن البيع باطل.
فرع
إذا قلنا: إن البيع باطل فالمشتري لا يملك مطالبة المكاتب بشيء ولا يجوز للمكاتب أن يدفع إليه أيضًا، فإن جمع مالا ودفعه إلى المشتري، فهل يعتق؟، قال الشافعي ههنا، فإن أدى المال إلى المشتري بأمر سيده عتق كما يؤدي إلى وكيله فيعتق، وقال في «الأم»: لا يعتق لأن أصل البيع باطل، وليس هذا كرجل وكله سيد المكاتب لأنه يأخذه لنفسه دون السيد بدليل أنه يضمن واختلف أصحابنا في هذا، فقال ابن سريج، ينبغي أن يخرج على قولين: أحدهما: لا يعتق وإن أدى إلى المشتري بإذن السيد لأنه أذن له أن يقبضه لنفسه لا للسيد، والذي على المكاتب أن يدفع إلى السيد أو إلى من يقبضه له بإذنه، وهذا لا يصح، والثاني: يعتق صرح البائع بالإذن، أو لم يصرح لأنه قبضه بإذنه وتسليطه كالوكيل، فإذا قلنا: يعتق فقد برئت ذمته من مال الكتابة، لأنه ما عتق إلا بعد براءة ذمته من المال وتبقى المنازعة بين السيد وبين المشتري في المال الذي قبضه من المكاتب وفي الثمن الذي دفعه المكاتب إليه فإن كان المال الذي قبضه المشتري، والثمن الذي دفعه المشتري باقيين يرجع المشتري بما دفع واسترجع منه ما أخذ وإن كانا تالفين حصل التقاص بينهما فيما تساويا فيه [١١٩/أ] ورجع أحدههما على صاحبه بالفضل الذي بقي له، وإذا قلنا: لا يعتق فإن ذمته لا تبرأ من مال الكتابة فيستحق السيد مطالبته بمال الكتابة، ويستحق هو مطالبة المشتري بما دفعه إليه ويستحق المشتري مطالبة السيد بالثمن الذي دفعه إليه. وقال أبو إسحاق: المسألة على اختلاف حالين، فالذين قال يعتق: أراد إذا باع المال منه وأمر المكاتب بدفعه إليه، فيكون قد قبضه بأمرة ويعتق، والذي قال لا يعتق: أراد به إذا باعه مطلقًا، ولم يأمر المكاتب بالدفع إليه، فلا يعتق لأنه لم يوجد من السيد صريح الإذن بالدفع، وإنما البيع تضمن ذلك، فإذا بطل البيع بطل ما تضمنه. قال: وهذا هو الظاهر لأن الشافعي في «الأم» لم يشترط إذن السيد في دفعه إلى المشتري وشرط فيما نقل المزني الإذن قال: فإن أدى إلى المشتري بأمر سيده. قال أبو إسحاق قلت لابن