أبًا مملوكًا وجدًا حرًا كان ميراثه لجده ولا يوقف على عتق أبيه، وقال أصحابنا: هذا القول بعيد لأنه يؤدي إلى توريث السيد من هذا المعتق بلا نسب ولا ولاء، وهذا لا يجوز، وذكر القفال وجهًا آخر أنه يصرف ماله إلى بيت المال، وهذا الوجه الأول أبعد، والقول الثاني: الولاء لسيد المكاتب وبه قال أبو حنيفة، لأن العتق إذا كان معينًا لم يجز أن يكون الولاء موقوفًا كما لا يجوز أن يكون النسب موقوفًا مع تعين الواطئ، وإذا لم يثبت في الحال بطل النسب وكذلك الولاء والمكاتب في الحال من أهل الولاء والسيد من أهله فثبت له. قال القفال: وعلى هذا يجب أن يجري عن كفارة السيد إذا نوى وأعتقه المكاتب بإذنه، ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأن النسب قد يقف على بيان القافة أو على الانتساب إذا لم يكن قافة، فكذلك الولاء يجوز أن يوقف ولأن الفرق بين النسب والولاء ظاهر لأن الولاء ينتقل بالجر من مولى الأم إلى مولى الأب بخلاف النسب، ولو أدى المكاتب الثاني المال بعدما عتق المكاتب الأول، فالولاء للمكاتب الأول إذا جوزنا تلك الكتابة لأنه يوم العتق من أهل الولاء.
فرع
إذا قلنا: الولاء للسيد فلا فرق بين أن يعجز المكاتب بعد ذلك لو أدى المال وعتق فقد استقر الولاء على السيد فلا ينتقل هكذا قال أصحابنا. وقال في «الحاوي»: حكى ابن أبي هريرة أنه إذا عتق المكاتب [١٨/ أ] بعده بالأداء هل يجر ولاء معتقه، وينتقل عن سيده إليه؟. اختلف أصحابنا فيه على وجهين: أحدهما: ما ذكرنا كما لا يجوز أن ينتقل النسب، والثاني: يجره لأنه باشر العتق، وإذا جاز أن ينتقل ههنا، وقد باشر العتق وهناك لم يباشره.
فرع آخر
إذا أعتق المكاتب عبده عن سيده أو عن غير سيده بإذن سيده ففيه قولان. قال أبو حامد: الصحيح ههنا أنه يعتق والصحيح في عتق المكاتب عن نفسه بإذن سيده أنه لا يعتق لأنه ليس من أهل الولاء.
مسألة: قال: «وبيع نجومه مفسوخ».
الفصل
جملة هذا: أنه إذا كاتب عبدًا على مال ثم إن السيد باع ذلك المال الذي له في ذمة المكاتب نص الشافعي ههنا، وفي «الأم» وعامة كتبه: أنه لا يجوز، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد، وقال مالك: يصح ذلك لأن السيد يملكها في ذمة المكاتب فصار كسائر أمواله وهذا غلط لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن بيع ما لم يقبض» وهذا عوض غير مقبوض، فهو بمنزلة المسلم فيه، ولأنه ليس بلازم ومتى شاء المكاتب