المزني، وقال صاحب «المنهاج»: اختيار المزني أن يغنم، وهذا الاختيار ليس لنفسه وإنما هو للشافعي رضي الله عنه. فأما اختياره لنفسه في المسألة السابقة هو القول الثاني فكذلك ينبغي في هذه المسألة أن يكون ذلك اختياره ولفظه ههنا أنه قال: هذا أشبه بقوله عندي لأن الذي حكم به قبل هذه المسألة يعني مسألة موت الحربي في بلاد الحرب قبل أن يسترق، فإن الشافعي في تلك المسألة حكم بهذا القول، وهو أن يكون مغنومًا، وذكر العلة لهذا القول، فقال:«لأنه لما أبطل أن يملك يعني بالاسترقاق بطل عن ماله ملكه» ومن قال بالقول الآخر أجابه بأن حالة الملك مأمولة منه بخلاف الميت على ما ذكرناه.
فإذا قلنا: يكون ماله ومكاتبيه مغنومًا كان ما يؤديه المكاتب فيئًا لبيت المال، فإن عتق بالأداء كان ولاؤه لكافة المسلمين وقد قال الشافعي: فإذا استرق فعتق مكاتبه بالأداء، ومات الحربي رقيقًا لم يكن لرقيق ولاء ولا لأحد بسببه ومعناه وليس لورثة الحربي ولاء على هذا المكاتب بسبب الحربي والحربي ليس من أهل الولاء [١٢٩/أ] على عبده.
أو معناه: لا ولاء لأحد من المسلمين بعينه لأن ولاءه لجماعتهم، وإن عجز كان مملوكًا لبيت المال لكافة المسلمين وسواء على هذا القول أن يموت السيد على رقه أو يعتق قبل موته، فإن جعلناه مغنومًا لا يرد إليه، ومن أصحابنا من قال: لا ولاء لأهل الفيء عليه ولكن يبطل ولا يكون لأحد عليه ولاء، وهذا ظاهر ما قاله الشافعي رضي الله عنه ههنا، وهذا لأن الولاء لا يورث، وإنما يخلفه الأقرب فالأقرب من عصباته وأهل الفيء ليسوا بعصبات لهذا الكافر فلم يخلفوه في ولاء مكاتبيه، ولأنه لا ولاء له لأنه لا يجوز أن يكون لأحد بسببه ولاء لأنه خليفته إذا استحقه عنه وهذا اختيار القاضي الطبري، وإن قلنا: لا يغنم كان ماله موقوفًا على ما يكون من عتقه أو موته، فله، حالتان: إحداهما، أن يعتق قبل موته، والثانية أن يموت قبل رقه فإن عتق قبل موته عاد ماله الموقوف إلى ملكه، وإن كان المكاتب باقيًا على كتابته أداها إليه، وكان ولاؤه إن عتق له، وإن كان قد أداها إلى الحكام أخذ من الحاكم ما قبضه من مكاتبه وكان له ولاء مكاتبه.
وإن مات على رقه كان ماله مغنومًا لا يرد على سيده ولا على وارثه ويعتبر حال مكاتبه، فإن عجز ورق كان مغنومًا وإن أدى وعتق، فإن كان قبل استرقاق سيده ففي ولاءه وجهان: أحدهما، لبيت المال كسائر أمواله، والثاني: يزول الولاء ويرتفع ويصير المكاتب بعد العتق ممن لا ولاية عليه، وهذا معنى قول الشافعي، ولا ولاء لأحد بسببه.
وإن كان عتق المكاتب بعد استرقاق سيده وقبل موته فالولاء ثابت، وفي مستحقه